دماغ دودة بحرية متحجر منذ ٥٢٥ مليون عام

استخراج دودة قديمة في الصين بدماغ متحجر من أقدم الأدمغة المكتشفة على الإطلاق. يمكن لشكل الدماغ أن يحل أيضًا جدال استمر لقرون حول تطور مفصليات الأرجل.

تحوي هذه الدودة الأحفورية المكتشفة في الصين على ما يبدو أقدم نموذج مكتشف من الأدمغة. يقدم الشكل المفاجئ للدماغ أدلة حول تطور مفصليات الأرجل – وهي مجموعة تتضمن الحشرات والعنكبيات والقشريات – ويمكن أن يفسر لغزًا حيّر العلماء لأكثر من قرن من الزمان.

اكتُشف هذا الكائن المسمى Cardiodictyon catenulum عام ١٩٨٤ في موقع حفريات في مقاطعة يونَّان الصينية إلى جانب العديد من الأحافير الأخرى، والتي تعرف جمعيًا بمصطلح وحيش تشينغجيانغ. تنتمي الدودة لشعبة فصيات الأقدام – مجموعة منقرضة من مفصليات الأرجل بقشرة مدرعة وأرجل قصيرة وثخينة سكنت قاع البحار وكانت ذات أعداد وفيرة خلال العصر الكمبري (منذ فترة بين ٥٤١ و٤٨٥.٤ مليون عام).

في دراسة جديدة نُشرت في ٢٤ نوفمبر في مجلة Arthropod Evolution، أعاد فريق من العلماء تحليل النوح المتحجر واكتشفوا سر دفين مثير للغاية، ألا وهو جهاز عصبي متضمنًا دماغًا في حالة محفوظة جيدًا.

يقول الباحث الرئيسي، نيكولاس ستراوسفيلد «إنه أقدم دماغ متحجر مكتشف حتى الآن على حد علمنا». ستراوسفيلد عالم أعصاب في جامعة أريزونا، توسان.

تتطلب الأمر ٤٠ عامًا لاكتشاف دماغ C. catenulum لأن الباحثين قد اعتقدوا مسبقًا أن أنسجة الكائن الرخوة قد فُقدت بمرور الزمن.

يقول المؤلف المشارك، فرانك هيرث «إن فهمنا المشترك حتى وقت حديث جدًا نصّ على أن الأدمغة غير قابلة للتحجر». هيرث عالم أعصاب تطوري في كلية الملك في  لندن، المملكة المتحدة. يضيف هيرث «نظرًا لحجم الأحفورة الصغير وعمرها، لم يأخذها الباحثين سابقًا بعين الاعتبار أملًا بإيجاد دماغ داخلها أبدًا».

بيد أن الاستقصاءات الحديثة لأحافير مشابهة عود للحقبة ذاتها تقريبًا قد غيرت هذا المنظور. وُجدت الأدمغة متحجرة ضمن أحد أقارب القضيبيات عمره ٥٠٠ مليون عام؛ وكائن شبيه بالحشرات محفوظ بحالة جيدة منذ نحو ٥٠٠ مليون عام؛ و«وحش البحر» عمره ٥٢٠ مليون عام؛ بالإضافة إلى عشرات الكائنات البحرية ثلاثية العيون بعمر نحجو ٥٠٦ مليون عام.

تطور مفصليات الأرجل الانقلابي

لم يُفاجأ العلماء بإيجاد الدماغ القديم فحسب، بل أذهلهم شكل وبنيت القحف أيضًا. فالرأس والدماغ غير مجزآن، أي أنهما غير مقسمان لفصوص عديدة، بيد أن بقية الجسم مقسم لأجزاء.

بقول ستراوسفيلد: «إن هذا التشريح كان غير متوقعًا أبدًا. إذ اعتقد الباحثون لأكثر من قرن أن أدمغة ورؤوس مفصليات الأرجل المنقرضة منذ زمن بعيد كانت مجزأة تمامًا كتلك الخاصة بمفصليات الأرجل الحديثة؛ تبدي معظم الأحافير القديمة لمفصليات الأرجل رؤوسًا وأدمغة مجزأة أيضًا».

والأمر المثير أكثر للدهشة أن C. catenulum يتمتع بتكتلات من الأعصاب، تُعرف باسم العُقد ganglia، تتخلل جسده المقسم. يعتقد العلماء كنتيجة لهذا الاكتشاف أن الرؤوس والأدمغة المقسمة المُشاهدة في مفصليات الأرجل الحديثة ربما قد تطورت بمعزل عن الجهاز العصبي وكانت أول التشكيلات التي تجزأت فيه على الأرجح.

يقول ستراوسفيلد: «بيد أن مؤلفي الدراسة قد أشاروا إلى أن دماغ C. catenulum المتحجر مايزال يشترك بسمات رئيسية مع أدمغة مفصليات الأرجل الحديثة، ما يقترح أن (مخطط الدماغ البدائي) لم يتغير تغيرًا مفرطًا في النصف مليار سنة الماضية».

تتمثل الخطوة التالية للباحثين بمقارنة الدماغ المتحجر هذا مع أدمغة مجموعات الحيوانات الأخرى للكشف أكثر عن سيرورة عملية تنوع الأدمغة على مر الزمن.

ترجمة: حاتم زيداني

المصدر: livescience

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *