تفسر الآليات الخلوية الاختلافات في بيولوجيا الأنواع وتساعدنا على فهم تطورها

نشر باحثون من جامعة شرق فنلندا وجامعة تامبيري في مجلة Molecular Ecology دراسة شاملة حول أهمية الاختلافات بين الأنواع لمعظم آليات صيانة الخلايا المركزية. استخدم الباحثون الأرنب البني (Lepus europaeus)  والأرنب الجبلي (Lepus timidus) ككائنات نموذجية في دراستهم.

انفصلت السلالات التطورية للأرنب البني والأرنب الجبلي منذ حوالي ثلاثة ملايين سنة. تطور الأرنب الجبلي في منطقة بيرنجيا ويعيش أقرب أقربائه في الأمريكتين والشرق الأقصى. جاء الأرنب الجبلي إلى أوروبا في وقت مبكر، إذ عاش في القارة بالفعل خلال العصر الجليدي. ما يزال يتمتع بتوزيع مستمر مثير للإعجاب من بلدان الشمال الأوروبي إلى أقصى شرق روسيا. في المقابل، تطور الأرنب البني في الشرق الأدنى أو منطقة بحر قزوين، ويعيش أقرب أقربائه الحديثين في إفريقيا والشرق الأدنى.

نتيجة اختلاف مسارهما التطوريين، فإن الأرنب الجبلي يتمثل بنوع متكيف مع البرد والثلج، وهو نوع غابة تايغا والقطب الشمالي، ونوع الأرنب البني الأكثر اعتدالًا وتكيفًا مع الأدغال. إلى جانب هذه الاختلافات في الموائل، يختلف النوعان في العديد من الجوانب الأخرى في بيولوجيتهما. تصل الأرانب البنية إلى مرحلة النضج الجنسي في وقت مبكر وتتمتع بقدرة تناسلية أعلى من الأرانب الجبلية. على النقيض من ذلك، تعيش الأرانب الجبلية لفترة أطول وتمتلك درجة حرارة أعلى ويمكن أن تعتمد تغذية أقل جودة من الأرانب البنية. تطورت هذه الاختلافات خلال ملايين السنين من الانتقاء الطبيعي ما أدى إلى اختلافات جينية. على الرغم من هذه الاختلافات، فإن النوعين يتهاجنان وينتجان ذرية خصبة. كان مؤلفو الدراسة مهتمين بشكل خاص بكيفية ترجمة هذه الاختلافات الجينية إلى اختلافات نمطية في الوظائف الخلوية الأساسية، وإذا كانت هذه الاختلافات الوظيفية تفسر الاختلافات البيولوجية الملحوظة.

عند دراسة سلالات خلوية من أربعة أرانب بنية وأربعة أرانب جبلية، لاحظ الباحثون اختلافات جوهرية في تنظيم عدة مجموعات جينية. مكن بعضها خلايا الأرنب البني من التكاثر بشكل أسرع من خلايا الأرنب الجبلية، وارتبط ذلك بسرعة شيخوخة الأنواع ووصولها مرحلة النضج. يمكن تحديد الاختلاف في تكاثر الخلايا بشكل أكبر عبر الاختلافات في تنظيم دورة الخلية. وُجدت أيضًا اختلافات في استقلاب الطاقة، والتي توضح، جنبًا إلى جنب مع تنظيم دورة الخلية، كيف يختلف النوعان في استثمارهما موارد ميزات مختلفة لوظائف الخلية الأساسية. من المحتمل أن تنعكس الاختلافات نفسها في استثمار الموارد في شيخوخة النوعين وتكاثرهما.

تساعد الدراسة على فهم كيفية ترجمة الاختلافات الجينية إلى اختلافات نمطية تكيفية بين الأنواع، وكيف تظهر الاختلافات في استراتيجيات تاريخ الحياة على المستوى الخلوي وكيف يمكن أن تتشكل حدود الأنواع على المستوى الجزيئي. بعض الملاحظات من خلايا الأرنب مرتبطة أيضًا بفهم تهجين أسلاف الإنسان والشيخوخة والأمراض الاستقلابية. أظهر البحث أيضًا أنه يمكن استخدام الخلايا المستنبتة لدراسة السمات البيئية والفسيولوجية للحيوانات البرية، ما يقلل من الحاجة إلى أخذ العينات الغازيَة وإجراء التجارب على الحيوانات.

 

ترجمة: حاتم زيداني

المصدر: sciencedaily

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *