كيف يؤثر التحول الزراعي على المجتمعات حاليًا

أظهرت دراسة جديدة أجريت على الشعوب التي تعيش في مرتفعات جنوب غرب إثيوبيا، أن انتقال المجتمعات البشرية من مجتمعات الصيد وجمع الثمار إلى ممارسة الزراعة والرعي هو عملية أكثر دقة مما كان يُعتقد عمومًا. نُشر العمل في 9 مارس في مجلة Current Biology.

ركزت الكثير من الدراسات حول كيفية انتقال الناس من أسلوب حياة قائم في الغالب على جمع الطعام من البرية إلى حياة قائمة على المحاصيل المزروعة، ركزت بشكل أساسي على أوروبا حيث اكتمل التحول إلى الزراعة أو «التحول النيوليثي» منذ آلاف السنين. استنادًا إلى الدراسات الجينية بشكل كبير، فإن الرأي السائد يقترح أن الانتقال حدث بشكل أساسي باستبدال السكان بدلاً من التغيير الثقافي، وفقًا للمؤلفة الأولى شياماليكا غوبالان، طالبة دراسات عليا آنذاك أوصت بها برينا هين، أستاذة مساعدة في الأنثروبولوجيا في جامعة كاليفورنيا، ديفيس.

ووفقًا لغوبالان «يقول الرأي السائد بوجود موجة من الناس قدمت إلى أوروبا واستبدلت الجميع».

مايزال التحول الزراعي جاريًا في مرتفعات جنوب غرب إثيوبيا. بدأ المزارعون والرعاة بالانتقال إلى المنطقة منذ 1500 إلى 2000 عام، متجاوزين الصيادين-الملتقطين، ومنذ ذلك الحين تعيش المجموعات جنبًا إلى جنب. يقدم ذلك فرصة لدراسة هذا التحول والدرجة التي يمثل بها فكرة الاستبدال مقابل التغيير الثقافي في الوقت الحاضر وسياق عالمي مختلف.

جمع الفريق بقيادة هين وباري هيوليت من جامعة ولاية واشنطن بفانكوفر، عينات الدنا من خمس مجموعات من الناس في المرتفعات الجنوبية الغربية: تشابو الصياديون-الملتقطون، والماجانغ الذين يمارسون زراعة المحاصيل على نطاق صغير؛ والشيكاخو والبينش والشيكو الذين يمارسون زراعة أكثر كثافة. كانت الأهداف هي تقييم السلالة الجينية للمجموعات المختلفة والاتجاهات الديموغرافية في الماضي القريب.

قالت غوبالان: «بناءً على علم الوراثة يمكننا تقدير حجم السكان الفعال على مدى الستين جيلًا الماضية، أو نحو 2000 عام».

 

آخر الصيادين-الملتقطين

تشابو هم آخر الصيادين-الملتقطين في المنطقة، وفقًا لجاستن ميريك، المدير الميداني لمختبر هين وباحث فريق العمل في مركز الجينوم بجامعة كاليفورنيا، ديفيس، وكانوا يُعتَبرون مجموعة فرعية من الماجانغ، لكن فريق البحث وجد أن لديهم سمات جينية متفردة.

يُظهر التحليل الجديد أن تشابو مرتبطون بأحد أسلافهم ممّن عاشوا في المنطقة منذ حوالي 4500 عام. على عكس التوقعات المستندة إلى التحول الأوروبي الزراعي، فإن المجموعات الزراعية الأخرى في الدراسة لديها أيضًا تقارب وراثي كبير مع أسلافهم من الصيادين-الملتقطين، رغم اختلافهم بأسلافهم الآخرين. تمتلك مجموعة الماجانغ معلومات وراثية من الفلاحين الناطقين باللغة النيلية الصحراوية. في المقابل، يمتلك كل من البينش والشيكو معلومات قادمة من الأسلاف المزارعين الأفرو-آسيويين في شرق إفريقيا – الذين ينحدر منهم الشيكاخو بشكل أساسي.

تظهر تقديرات حجم السكان أن تشابو قد انخفضوا على مدى الألفين سنة الماضية. يعتبر هذا الأمر بمثابة الحالة الطبيعية في كثير من الأحيان، وليس دائمًا، بالنسبة لمجموعات الصيادين-الملتقطين أثناء التحول الزراعي، وفقًا لغوبالان، ورغم ما يمكننا رؤيته على الأقل في إفريقيا، فإن الاستجابات الديموغرافية غير متجانسة.

قد يجد الصيادون-الملتقطون أدوارًا جديدة بعيشهم بجوار المزارعين كمتخصصين ويقدمون خدمات أخرى كالحدادة.

«المثير حقًا هنا هو أن لدينا مجموعات في هذه الدراسة من نفس المنطقة انتقلت إلى الزراعة في أوقات مختلفة، مع كون التشابو قيد الانتقال حاليًا» وفقًا لميريك، «ونرى الكثير من التباين في الاستجابة تجاه الزراعة. إن أعداد سكان تشابو وماجانغ آخذة في الانخفاض، دون أن تتأثر أعداد البينش والشيكو رغم أن جميعهم يمتلكون سلف أصلي من الصيادين-الملتقطين».

«إن نموذج الاستبدال الزراعي الأوروبي لا ينجح في شرق إفريقيا، فثمة المزيد من الامتزاج الجاري حاليًا وتغيير في الثقافة» وفقًا لميريك «والعملية معقدة للغاية، وقد توجد العديد من العوامل المساهمة».

 

المقال الأصلي: phys.org

ترجمة: حاتم زيداني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *