تكنولوجيا فيديو متطورة تتيح لنا مراقبة تطور الأنواع مباشرة أمام أعيننا

أحرز العلماء تقدمًا كبيرًا في دراسة تطور الأنواع، وقدّموا أدلة إضافية على إمكانية استخدام أحدث تكنولوجيات الفيديو المتطوّرة في تتبع أصغر التغيرات في تطور الكائنات الحية المختلفة.

استخدمت الأبحاث الجديدة تقنية حديثة لإجراء قياسات دقيقة على الأجنة استخدمت جهاز المجهر الروبوتي وتحليل الصور باستخدام رؤية الحاسوب. طُبقت هذه التقنية على أجنة ثلاثة أنواع مختلفة لدراسة جميع خصائصها المرئية بدقة.

سُجّلت هذه القياسات بمقياس طيف الطاقة، ومن خلاله، تمكن الباحثون من مقارنة كيفية تغيّر الأنواع مع مرور الوقت والاختلافات بينها، واستُخدمت القياسات لتحديد توقيت الأحداث التطورية الإنمائية المتمايزة التي وقعت ووثقت في الماضي.

من خلال التحليل المفصّل لهذه الصفات المعروفة باسم السمات الطاقية القابلة للاستدلال (Energy Proxy Traits)، تمكن الباحثون من الوصول إلى أول دليل يثبت أن توقيت الأحداث التطورية الإنمائية المقاسة بالطرق التقليدية مرتبط بتغيرات أكبر وذات نطاق أوسع في كل جانب يمكن ملاحظته من جوانب تكوين الجنين.

استنتج الباحثون أيضًا وجود تغيرات هامة ترتبط بالخصائص التي يمكن ملاحظتها في المرحلة الجنينية، قبل بِدء كل حدث تطوّري إنمائي وبعده.

يقول مؤلفو الدراسة التي نُشرت في مجلة  الحدود في الفيزيولوجيا، إن تطبيق الدروس المستفادة من البحث له القدرة على تطوير طريقة دراسة التطور والإنماء، لأن هذه الطريقة تسمح بتقييم التطور الإنمائي البيولوجي بأسلوب أعمق، ما يمكّن من الحصول على بيانات مجموعة أوسع من الأنواع ودراستها معًا.

من خلال قياس مقاطع الفيديو بتقنية الفاصل الزمني للأجنة – مثل هذا الفيديو لتطوّر حلزون – يظهر عدد من الأحداث التطورية الإنمائية الرئيسية، يمكن للباحثين ملاحظة الاختلافات المعقدة في كيفية نمو الأنواع وتطورها. توثيق: جامعة بليموث

يرى الباحثون القائمون على الدراسة أن نتائجها بالغة الأهمية في الوقت الحالي، خصوصًا مع تسبب التغيرات المناخية وغيرها من التغييرات البيئية، بالتأثير على الحياة الطبيعية على الأرض، بصورة سلبية في معظم الأحيان.

قاد هذه الدراسة علماء من مجموعة أبحاث علم الأجنة في كلية العلوم البيولوجية والبحرية بجامعة بليموث، وبُنيت هذه الدراسة على أكثر من 15 عامًا من العمل البحثي في طرق مراقبة التطور الإنمائي للأجنة.

قال الدكتور جيمي مكواي، الباحث في مرحلة ما بعد الدكتوراه والمؤلف الرئيسي للدراسة: «ما سلطنا عليه الضوء في هذه الدراسة هو أمر بالغ الأهمية في مواجهة السؤال الأساسي المتمحور حول كيفية اختلاف طريقة التطور باختلاف النوع. قياس الاختلافات في التوقيت التطوري الإنمائي هو أحد السبل الرئيسية التي يتحقق من خلالها الباحثون من الكيفية التي تؤدي بها تغيرات عملية الإنماء إلى دفع عجلة التطوّر البيولوجي».

وأضاف: «لكن، تشير نتائج دراستنا إلى أن قياس توقيت الأحداث التطورية الإنمائية هو مجرد غيض من فيض فيما يتعلق بكيفية قياسنا وتحليلنا للتغييرات التطورية. من خلال تقييم صفات السمات الطاقية القابلة للاستدلال عبر ثلاثة أنواع مختلفة، رأينا كيف يمكن أن توفر لنا نهجًا بديلًا لاستيعاب كيف يؤدي التطور إلى التغيير التطوري الإنمائي».

تستخدم طريقة السمات الطاقية القابلة للاستدلال، تقنية الفاصل الزمني في الفيديو لتصوير الحيوانات خلال مراحل حياتها الأولى الأكثر نشاطًا. تعتمد هذه التقنية على استخدام سلسلة من البكسلات الفردية التي يتغيّر سطوعها من إطار لآخر بما يتناسب مع حركة الأجسام المُصورة، مثل حركة خفقان القلب، أو تقلّص العضلات، أو دوران الجنين بأكمله مدفوعًا بشُعيرات صغيرة.

يمكن للباحثين استغلال هذه التغيّرات في قيم البكسل وتحويلها إلى بيانات ترددية ما يتيح لهم تتبع نطاق واسع جدًا من السمات الحيوية المختلفة للحيوان أثناء تطوره.

على عكس الاختيار المحدد لقياس أجزاء معينة من الحيوان، تسمح الصور الناتجة للعلماء بفحص جميع سمات الحيوان، كالتغير في معدل ضربات القلب أو الحركة، وتحليل بيانات التردد الناتجة لالتقاط مجموعة أوسع من استجاباته البيولوجية.

يُعدّ المؤلف الرئيسي للدراسة، الدكتور أوليفر تيلز، رائدًا في دراسات ظاهرة الأجنة منذ عام 2007، وحصل في عام 2020 على منحة زمالة القادة المستقبليين من المملكة المتحدة للبحث والابتكار لتطوير عمله.

أضاف تيلز: «إن فهمنا الحالي لعلم الأحياء محدود بالتكنولوجيات المتاحة لنا لمراقبته، ونحتاج لنهج جديد قائم على الأسس التكنولوجية لفهم الفترة الأكثر تعقيدًا في تاريخ حياة الكائنات الحية. تحمل هذه الدراسة آثارًا واسعة النطاق لتمكين فهمنا للعلاقة بين التطور البيولوجي الإنمائي والتطور، وتمثل خطوة مهمة في مراقبة إنماء أشكال الحياة في جميع أنحاء كوكبنا».

عقدان من الخبرة في علم الأحياء الإنمائي

استندت طريقة السمات الطاقية القابلة للاستدلال المستخدمة في الدراسة إلى عمل رائد بدأ منذ ما يقارب 20 عامًا باستخدام القياسات اليدوية.

قادت الدكتورة جينيفر سميرثويت وزملاء لها في جامعة بليموث والجامعة التقنية في ميونيخ هذا العمل الذي وثق فيه الفريق عددًا من الاختلافات الزمنية -التغييرات في توقيت الأحداث الإنمائية بين الأنواع- في عدد من أنواع حلزون المياه العذبة.

طُبّقت طريقة السمات البديلة للطاقة على ثلاثة أنواع من حلزون المياه العذبة من تلك الدراسة، وهدفت إلى فهم ما إذا كانت هذه التغييرات التطورية في التوقيت الإنمائي مرتبطة بتغييرات أكثر بعدًا للنمط الظاهري أم لا.

 

ترجمة: علاء شاهين

المصدر: phys.org

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *