يمكن أن يساعد انخفاض طول عمر نحل العسل العلماء في تفسير خسائر خلايا النحل وانخفاض إنتاج العسل في العقود الأخيرة
أظهرت دراسة جديدة أجراها علماء الحشرات بجامعة ماريلاند أن العمر الافتراضي لنحل عسل المختبر المحفوظ في بيئة معملية خاضعة للرقابة أقصر بنسبة 50٪ مما كان عليه في السبعينيات. عندما وضع العلماء نموذجًا لتأثير الأعمار الأقصر اليوم، كانت النتائج متوافقة مع زيادة فقدان المستعمرات وانخفاض إنتاج العسل التي لاحظها مربي النحل في الولايات المتحدة في العقود الأخيرة.
يعد معدل إعادة تجدد عدد خلايا النحل عاملاً مهمًا في أعمال تربية النحل، إذ تتقدم خلايا النحل بالعمر طبيعيًا وتموت في نهاية المطاف. لكن على مدار العقد الماضي، أبلغ مربو النحل الأمريكيون عن ارتفاع معدلات الخسارة، ما يعني الاضطرار إلى استبدال المزيد من الخلايا للحفاظ على استمرار العمليات. في محاولة لفهم السبب، ركز الباحثون على الضغوطات البيئية والأمراض والطفيليات والتعرض لمبيدات الآفات والتغذية.
هذه هي الدراسة الأولى التي تظهر انخفاضًا عامًا في عمر نحل العسل بشكل مستقل عن الضغوطات البيئية، ما يشير إلى أن الجينات قد تؤثر على الاتجاهات الأوسع في صناعة تربية النحل. نُشرت الدراسة في 14 نوفمبر 2022، في مجلة Scientific Report
قال أنتوني نيرمان، دكتوراه: «نحن نعزل النحل عن الخلية قبل أن يغدو نحلًا بالغًا، لذا فإن كل العوامل التي تقلل من عمر النحل تحدث قبل تلك النقطة». طالب في قسم الحشرات والمؤلف الرئيسي للدراسة. «يقترح هذا فكرة العامل الجيني. إذا كانت هذه الفرضية صحيحة، فإنها تشير أيضًا إلى حل ممكن. إذا تمكنا من عزل بعض العوامل الوراثية، فربما يمكننا إنتاج نحل عسل يعيش فترة أطول».
لاحظ نيرمان لأول مرة انخفاض العمر أثناء إجراء دراسة مع الأستاذ المساعد في علم الحشرات دينيس فان إنجلسدورب حول البروتوكولات الموحدة لتربية النحل البالغ في المختبر. تكرارًا للدراسات السابقة، جمع الباحثون عذارى النحل من خلايا نحل العسل في مرحلة الشرانق خلال 24 ساعة من خروجها من خلايا الشمع. يكمل النحل عملية النمو في حاضنة ثم يُحتفظ به كنحل بالغ في أقفاص خاصة.
كان نيرمان يقيِّم تأثير استكمال النظام الغذائي لنحل المختبر المعتمد على الماء والسكر بالماء العادي لتقليد الظروف الطبيعية بشكل أفضل عندما لاحظ أنه، بغض النظر عن النظام الغذائي، كان متوسط عمر نحل المختبر يبلغ نصف متوسط عمر النحل في أقفاص في تجارب مماثلة في السبعينيات. (17.7 يومًا اليوم مقابل 34.3 يومًا في السبعينيات). دفع هذا إلى مراجعة أعمق للدراسات المعملية المنشورة على مدار الخمسين عامًا الماضية.
قال نيرمان: «عندما خططت الأعمار بمرور الوقت، أدركت أن هناك بالفعل تأثير زمني ضخم في طور الحدوث. لم يُضفى الطابع الرسمي على البروتوكولات الموحدة لتربية نحل العسل في المختبر حتى العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، لذلك قد تعتقد أن الأعمار ستكون أطول أو غير متغيرة، لأننا نتحسن في هذا المجال، أليس كذلك؟ بدلاً من ذلك، لاحظنا تضاعف معدل الوفيات».
على الرغم من أن بيئة المختبر مختلفة تمامًا عن بيئة الخلية، فإن السجلات التاريخية للنحل المحتفظ به في المختبر تشير إلى عمر مشابه لنحل الخلية، ويفترض العلماء عمومًا أن العوامل المعزولة التي تقصر العمر في بيئة ما ستقصره أيضًا في بيئة أخرى. أظهرت الدراسات السابقة أيضًا أنه في العالم الحقيقي، ارتبطت الأعمار الأقصر لنحل العسل بوقت أقل في صنع العسل وانخفاض إنتاج العسل. هذه هي الدراسة الأولى التي تربط هذه العوامل بمعدلات تجدد الخلايا.
عندما وضع الفريق نموذجًا لتقلص العمر الافتراضي بنسبة 50٪ على عملية تربية النحل، إذ تُستبدل الخلايا المفقودة سنويًا، كانت معدلات الخسارة الناتجة حوالي 33٪. هذا مشابه جدًا لمتوسط معدلات الخسارة في الشتاء ومعدلات الخسارة السنوية البالغة 30٪ و 40٪ التي أبلغ عنها النحالون على مدى السنوات الـ 14 الماضية.
أشار نيرمان وفان إنجلسدورب إلى أن نحل المختبر قد يكون يعاني من نوع من التلوث الفيروسي ضعيف المستوى أو التعرض لمبيدات الآفات خلال مرحلة الشرنقات حين يكون محضون في الخلية ويغذيه النحل العامل. لكن النحل لم يبدي أعراضًا لهذه التعرضات، وظهر أيضًا عنصر وراثي لطول العمر في حشرات أخرى كذباب الفاكهة.
ستكون الخطوات التالية للباحثين هي مقارنة الاتجاهات في عمر نحل العسل في جميع أنحاء الولايات المتحدة وفي البلدان الأخرى. إذا وجدوا اختلافات في طول العمر، فيمكنهم عزل ومقارنة العوامل المساهمة المحتملة كالوراثة واستخدام المبيدات الحشرية ووجود الفيروسات في النحل المحلي.
ترجمة: حاتم زيداني
المصدر: sciencedaily
