تساعد التسلسلات الجينية التي تسمى الينقولات (أو الجينات القافزة) على تنظيم التعلم.
توصلت دراسة جديدة إلى أن الأخطبوطات مخلوقات ذكية وتمتلك ذكاء متطور، واكتشف العلماء الآن دليلًا قد يفسر جزئيًا ذكاء رأسيات الأرجل الملحوظ: تتميز جيناتها بشذوذ وراثي يُلاحظ أيضًا في البشر.
تسمى القرائن التي اكتشفها العلماء «الجينات القافزة» أو «الينقولات»، وتشكل 45% من الجينوم البشري. الجينات القافزة هي تسلسلات قصيرة من الحمض النووي لها القدرة على نسخ ولصق أو قص ولصق نفسها في مكان آخر في الجينوم، وارتبطت بتطور الجينوم في أنواع متعددة. كشف التسلسل الجيني مؤخرًا أن نوعين من الأخطبوط هما أخطبوط فولغاريس Octopus vulgaris وأخطبوط بيماكولويدس Octopus bimaculoides يحتويان أيضًا على جينومات مليئة بالينقولات، وفقًا لدراسة نُشرت في 18 مايو في مجلة BMC Biology.
أفاد مؤلفو الدراسة أن معظم الينقولات في كل من البشر والأخطبوطات نائمة أو غير فعالة، إما أن تثبطها الطفرات أو تُمنع من التكاثر بواسطة الدفاعات الخلوية. لكن نوعًا واحدًا من الينقولات في البشر، والمعروف باسم العناصر النووية الطويلة المبعثرة أو LINE، قد لا يزال نشطًا. تشير الدلائل من دراسات سابقة إلى أن جينات LINE القافزة ينظمها الدماغ بإحكام، وتملك أهمية كبيرة في عملية التعلم وتكوين الذاكرة في الحُصين.
يقول جرازيانو فيوريتو، مؤلف مشارك في الدراسة وعالم أحياء في محطة أنطون دوهرن للحيوانات (SZAD) في نابولي، إيطاليا «عندما درس العلماء الجينات القافزة عند الأخطبوط التي يمكنها النسخ واللصق بحرية حول الجينوم، اكتشفوا الينقولات من عائلة LINE. كان هذا العنصر نشطًا في الفص الرأسي للأخطبوط، جزء من المخ عنده، وهو أمر بالغ الأهمية للتعلم ومماثل وظيفيًا لمنطقة الحصين في الدماغ البشري».
في الدراسة الجديدة، قاس الباحثون نسخ الجينات القافزة عند أخطبوط واحد إلى الحمض النووي الريبي (RNA) والترجمة إلى البروتين، واكتشفوا نشاطًا مهمًا في مناطق الدماغ المتعلقة بالطواعية السلوكية، كيف تغير الكائنات سلوكها استجابة لمحفزات مختلفة. وقالت المؤلفة المشاركة في الدراسة جيوفانا بونتي، وهي باحثة في قسم الأحياء وتطور الكائنات البحرية في SZAD: «كنا سعداء للغاية لاكتشافنا هذا نوع من الإثبات».
وأضاف فيوريتو أنه على الرغم من أن الأخطبوطات لا ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالحيوانات ذات العمود الفقري، لكنها تظهر مع ذلك مرونة سلوكية وعصبية مشابهة لتلك الموجودة في الفقاريات. وقال «هذه الحيوانات، مثل الثدييات، لديها القدرة على التكيف باستمرار وحل المشاكل»، وهذا الدليل يشير إلى أن التشابه قد ينشأ على المستوى الجيني.
لا تربط هذه النتائج الجينات القافزة بذكاء الأخطبوط فحسب، بل تشير أيضًا إلى أن ينقولات LINE تملك أيضًا بعض الدور في المعالجة المعرفية. نظرًا لأن الجينات القافزة مشتركة بين البشر والأخطبوطات، فقد تكون هذه الجينات مرشحة جيدة للبحث المستقبلي حول الذكاء وكيفية تطوره وتنوعه بين الأفراد داخل النوع، وفقًا للدراسة.
ومع ذلك، نظرًا لأن الأخطبوطات بعيدة جدًا عن البشر على شجرة الحياة، فمن الممكن أن تكون الينقولات LINE النشطة في المجموعتين مثالاً على التطور المتقارب. أفاد العلماء أن هذا يعني أن مساهمتهم في الذكاء تطورت بشكل منفصل في السلالتين، بدلاً من نشأتها في سلف مشترك واحد.
ترجمة: ولاء سليمان
المصدر: livescience