تمتع بطفرة جينية تمثلت في وجود مستقبلات على الجلد لاستشعار درجات الحرارة.. وكان لديه مستوى من التنوع يفوق حيوان “الماموث” الشهير
كشفت دراسة جديدة أن انقراض حيوانات وحيد القرن الصوفي الضخمة لم يكن بسبب التدخلات البشرية نتيجة انتشار البشر الأوائل في جميع أنحاء العالم، والتي تسببت في انقراض أنواع أخرى من الكائنات الحية، مثل الماموث الصوفي وأسد الكهف، في نهاية العصر الجليدي الأخير.
وذكرت الدراسة التي نشرتها دورية “كارنت بيولوجي” (Current Biology) اليوم “الخميس”، 13 أغسطس، أن “السبب الأرجح وراء هذا الانقراض هو الارتفاع الفجائي في درجات الحرارة”.
وأوضحت الدراسة، التي أعدها فريق متعدد التخصصات من جامعات إسكندنافية وصينية وأيرلندية وروسية، تقودهم جامعة ستوكهولم السويدية، أن تجمعات وحيد القرن الصوفي ظلت مستقرةً ومتنوعةً حتى بضعة آلاف من السنين قبل اختفائها من سيبيريا بسبب تغيُّر المناخ عندما ارتفعت درجات الحرارة بصورة فجائية، في الوقت الذي كانت فيه هذه الحيوانات أكثر تأقلمًا مع البرودة.
وتتهم الفرضية القديمة البشر بأنهم كانوا وراء انقراض وحيد القرن الصوفي، مستندةً إلى تقدير ظهور الإنسان في شمال شرق سيبيريا بما قبل 14 أو 15 ألف عام تقريبًا، ولكن الاكتشافات الأخيرة لمواقع سكن بشرية أقدم بكثير من ذلك التاريخ، يعود أشهرها إلى ما قبل 30 ألف عام، تدحض فكرة تزامُن انقراض هذا الحيوان مع أول ظهور للبشر في المنطقة.
تتبَّع الباحثون تسلسل الحمض النووي القديم من عينات الأنسجة والعظام والشعر من 14 فردًا من أفراد هذه الحيوانات، وجينوم الميتوكوندريا في 13 عينة إضافية (الحمض النووي الموجود في عضيات الخلايا)، ووجدوا أن حجم تجمعات وحيد القرن الصوفي ظلت ثابتةً حتى بعد الزيادة السكانية في بداية فترة البرودة منذ حوالي 29000 سنة. وفي هذا الوقت، شهدت عملية التناسل حالةً من الاستقرار.
يقول لوف دالين -قائد فريق البحث، وأستاذ علم الوراثة التطورية في مركز دراسات الوراثة القديمة، وهو مشروع مشترك بين جامعة ستوكهولم والمتحف السويدي للتاريخ الطبيعي- في تصريحات لـ”للعلم”: على حد علمي، هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها استخدام بيانات الحمض النووي من الأنواع المنقرضة للتحقيق في تأثير زيادة أعداد البشر على انقراض بعض الأنواع.
وتنفي الدراسة تسجيل أي حالات تراجُع في أعداد وحيد القرن الصوفي خلال الفترة المذكورة، يمكن إرجاعها إلى عمليات الصيد الجائر التي يقوم بها الإنسان على سبيل المثال، وإنما تُظهر البيانات التي اعتمد عليها الباحثون والتي تصل فقط إلى قبل 18500 عام، أي حوالي 4500 عام قبل انقراض هذه الحيوانات، أن تراجُعًا حدث في هذا التاريخ، ولكن سببه الأوضح هو تغيُّر المناخ.
يوضح “دالين” لـ”للعلم” أن انخفاض أعداد أفراد وحيد القرن الصوفي بدأ في وقت ما بين 18.500 و14 ألف عام، وهو ما يعني أن التراجع حدث بعد أكثر من 10 آلاف عام من وصول البشر إلى شمال شرق سيبيريا. وبالتالي، فمن الأرجح أن فترة الاحترار المناخي التي بدأت منذ 14.7 ألف عام تقريبًا كانت السبب الرئيسي لعملية الانقراض.
يعبر “دالين” عن دهشته من ارتفاع مستوى التنوع الجيني في وحيد القرن الصوفي، مضيفًا: “كان تنوُّعه أعلى من الماموث، وكذلك أعلى من أي أنواع وحيد القرن الحية التي جرت دراستها”. إذ كشفت بيانات الحمض النووي عن حدوث طفرات جينية ساعدت هذا الحيوان على التكيُّف مع الطقس البارد، تمثلت في نوع من المستقبلات على الجلد تمكِّنه من استشعار درجات الحرارة الدافئة والباردة.
ويستطرد: أعتقد أنه لا يمكننا التأكد بنسبة 100٪ من أن البشر لم يتسببوا في انقراضه. يحتاج الأمر إلى أكثر من 10 آلاف سنة حتى يصبح عدد السكان كبيرًا بما يكفي لقتل هذا الحيوان، أو ربما تمكَّن البشر من اختراع تقنية جديدة أسهمت في قتل وحيد القرن الصوفي بأعداد أكبر، لكنه شدد على أن “هذا سيناريو غير محتمل”.
تم نقل المقال من Scientific American بالتصرف.
اقرأ أيضًا: التكيف والهجرة أو الفناء.. 3 سيناريوهات للتنوع البيولوجي في مواجهة تغيرات المناخ