كناغر شجرية عملاقة عاشت في أماكن غير متوقعة في جميع أنحاء أستراليا

يعتبر حيوان الكنغر رمزًا تتفرد به أستراليا. وتفعل ما لا تفعله أي ثدييات كبيرة أخرى: فهي تقفز على أرجل خلفية كبيرة الحجم. لذلك قد تتفاجأ عندما تعلم أن بعض الكناغر تعيش في أعالي الأشجار، وهي من بين أكثر الجرابيات تحببًا وأكثرها تهديدًا بالانقراض.

حدد علماء الأحياء عشرة أنواع من الكناغر الشجرية، وكلها في جنس الديندرولاغوس (Dendrolagus). يقطن نوعان الغابات الاستوائية في أقصى شمال كوينزلاند، بينما الأنواع الثمانية الأخرى في غينيا الجديدة.

إن دراستها أمر صعب لتعذر الوصول لموائلها، فهي تعيش في أعالي الأشجار وتزداد ندرة بسبب التأثيرات البشرية.

إن التاريخ التطوري للكناغر يكتنفه الغموض. ففي دراسة جديدة نُشرت اليوم في Zootaxa، قمنا بتجميع كافة أدلة أحافير الكناغر الشجرية وأظهرنا أن أنواع الكناغر الشجربة العملاقة كانت منتشرة في جميع أنحاء أستراليا، وعاشت في موائل بعيدة جدًا عن الغابات الاستوائية حيث هو موطنها الحالي.

الكناغر الشجرية في السهول الخالية من الأشجار

في عام 2002، عثر فريق من المستكشفين على ثلاثة كهوف جديدة في وسط صحراء نولاربور القاحل في جنوب وسط أستراليا. كانت أرض الكهوف مليئة بعظام «الأسد» الجرابي المنقرض Thylacoleo carnifex والكنغر قصير الوجه، بالإضافة إلى عظام العديد من الثدييات والطيور والزواحف التي لا تزال تعيش في المناطق الأكثر جفافاً في أستراليا.

نظرًا للتنوع الكبير في الحيوانات العاشبة، خلصنا إلى أن صحراء نولاربور ورغم جفافها الشديد لم تكن منذ حوالي 200-400 ألف سنة مجرد شجيرات قاحلة، حيث أن العدد القليل هذا من الشجيرات لم يكن كافياً لبقاء هذه المجموعة المتنوعة من العواشب.

في ضوء ذلك، كان صعبًا أن نصدق ما اكتشفناه في عامي 2008 و 2009، إذ كانت أجزاء من هياكل عظمية لنوعين جديدين من الكناغر الشجرية العملاقة. ينتمي النوعان إلى الجنس المنقرض  Bohraوالذي تم تسميته لأول مرة في عام 1982 بناءً على عظام الساق المعثور عليها في كهوف ويلينغتون، نيو ساوث ويلز.

استخدمنا الهياكل المكتشفة في صحراء نولاربور كخريطة مكتملة للبحث عن القطع المعزولة في مجموعات المتاحف. اكتشفنا أكثر من 100 سن وعظمة تعود لسبعة أنواع على الأقل من حيوانات الكنغر المنقرضة.

اكتشفت هذه الأحافير من مواقع مختلفة بدءًا بفيكتوريا الجنوبية مرورًا بوسط أستراليا وصولًا إلى مرتفعات غينيا الجديدة، ويتراوح عمرها بين 3.5 مليون (أواخر العصر الجليدي) وبضع مئات الآلاف من السنين (العصر الجليدي الأوسط).

قفزة نوعية أمامًا ثم إلى الأعلى

من بين الجرابيات الحية، يعتبر الكنغر أقربها لحيوان الأبوسوم وفقًا للأدلة التشريحية والجزيئية. بسبب الفجوات الكبيرة في سجل الحفريات الأسترالي، لا يعرف على وجه التحديد زمن نزول سلف الكنغر إلى أرض الغابة.

وبالمثل، لا يُعرف إن كان نمط التنقل الفريد «ثنائي القدم» قد نشأ على الأشجار أو على الأرض – لكننا نعلم أنه أصبح السمة المميزة الدائمة لعائلة الكنغر. تمتلك الكناغر أرجل خلفية أطول وأقدام أطول من أسلافها من الأبوسوم، وتتشابك عظام القدم بطريقة تحد من حركة القدم الجانبية.

إلى جانب مرونة الأوتار العالية والذيل العضلي الكبير، تجعل هذه التعديلات حيوان الكنغر من بين أكفأ الأحياء استخدامًا الطاقة.

تكشف عظام قدم الكنغر عن ثلاث مراحل في «الانعكاس» التطوري لهذه التكيفات. طورت الأنواع البليوسينية من جنس البورا عظم كعب أوسع ومفصل الكاحل العلوي، ما سمح لها بقدر أكبر من الحركة. في وقت لاحق، طورت الأنواع البليستوسينية من جنس البورا مفصلًا أكثر سلاسة في الجزء الأمامي من عظم الكعب، ما منحها القدرة على دحرجة باطن أقدامها نحو الداخل للالتفاف حول جذوع الأشجار وأطرافها.

تمتلك حيوانات الكنغر الحديثة (Dendrolagus) أطرافًا خلفية قصيرة إلى جانب الأقدام القصيرة أيضًا مع أطراف أمامية قوية ومخالب للتشبث والتسلق. يمكنها استخدام أرجلها الخلفية أيضًا للمشي أثناء التسلق، في حين أن الكناغر الأرضية يمكنها تحريك أطرافها الخلفية بالتناوب فقط أثناء السباحة.

لماذا العودة الى الاشجار؟

مع جفاف أستراليا على مدى العشرة ملايين سنة الماضية، ازدادت نسبة انتشار الغطاء النباتي المفتوح. إلا أن هذه الظاهرة قد تباطأت بفعل مرحلة من الاحتباس الحراري منذ 5 – 3.5 مليون سنة. نتوقع أن التوسع المؤقت لموائل الغابات خلال تلك الفترة قد خلق بيئية جديدة دفعت تطور الكناغر المبكرة.

مع عودة الجفاف المناخي، باتت الكناغر جزءًا ثابتًا من مجموع الحيوانات في أستراليا، بالتزامن مع تكيف الأنواع مع توسع موائل الغابات والسافانا.

ربما قسمت أنواع البورا وقتها بين العيش في الأشجار والأرض كما تفعل بعض القرود الكبيرة اليوم، بينما يقضي الكنغر الحديث معظم وقته في أعالي الأشجار.

لذلك، يعود اعتقادنا بأن الكناغر الشجرية حاليًا حيوانات غابات مطيرة نموذجية إلى انقراض أنواع البورا التي عاشت في موائل أخرى.

رغم إمكانية تعلم المزيد حول التطور من الدراسات على الأنواع الحية، فإن السجل الأحفوري يمكن أن يقلب الطاولة باكتشاف واحد.

 

ترجمة: حاتم زيداني

المصدر: phys.org

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *