بحث يستكشف تطور أكثر سماتنا البشرية: الذقن

الذقن منطقة مناسبة لتستند بها وتريح رأسك أثناء التحديق بشاشة الحاسوب، من المحتمل أنك لا تفكر فيه أبعد من ذلك. لكن تأمل هذا: الذقن هو السمة الأكثر تمييزاً لك كإنسان، فنحن السلالة الوحيدة من القردة التي تمتلك ذقناً، ونحن البشر الوحيدون الذين يظهر عظم ذقنهم بشكل بارز تحت أفواههم. يصمم بريان كيلينغ على فهم سبب ذلك.

حاز كيلينغ، وهو مرشح الدكتوراه في علم الإنسان بجامعة بينغهامتون، على جائزة فولبرايت، ويُجري بحثه حول تطور الفك البشري في جامعة ألكالا الإسبانية. جاء الباحث الميداني الذي ينحدر من إلينوي والذي يخطط لقضاء عام إضافي لإجراء الأبحاث في إسبانيا، إلى جامعة بينغهامتون للدراسة مع الأستاذ رولف كوام وحصل على درجة الماجستير عام 2020.

تأمّل قائلًا: «لماذا يبرز الفك بشكل ملحوظ عند البعض بينما يكون أقل بروزًا عند البعض الآخر؟ ولماذا يميل فك الإنسان المعاصر ليكون أصغر حجمًا مقارنة بإنسان ما قبل التاريخ؟» وأضاف: «هل توجد علاقة حيوية ميكانيكية تفسر شكل فكنا اليوم، وإذا كان الأمر كذلك، فماذا يمكن أن تقول لنا عن أشكال الفك لدى البشر في الماضي البعيد؟».

أشار كوام إلى أن ظهور ذقن الإنسان الحديث هو سؤال قديم في تاريخ التطور.

وأضاف: «مع ذلك، وحتى الآن لم يتم التوصل إلى نظرية مقنعة حول سبب تطور الذقن لدى الإنسان العاقل. تمثل أطروحة بريان محاولة جديدة للإجابة على هذا السؤال القديم في علم مستحاثات البشر».

يركز كلينغ بشكل رئيسي على مقارنة شكل الفك وتطور الذقن في جنسنا البشري بنظيرهما عند إنسان نياندرتال. تختلف وجوه النياندرتال عن وجوهنا: فقد امتلك النياندرتال حواجب بارزة، ووسط وجه بارز، وفك بدون ذقن عظمي. كما تختلف نقاط الارتكاز العظمية لعضلات المضغ لدينا قليلاً عن تلك الموجودة لدى إنسان نياندرتال.

قال كلينغ: «هناك الكثير من التنوع في وجوهنا، وهذا أحد الأسباب التي تجعل كل فرد منا فريدًا. لكن، إذا كنت ستجمعنا جميعًا في مجموعة، فإن الاختلاف بين أي فرد منا سيظل يبدو أقل من الاختلاف بين إنسان نياندرتال وأحدنا».

يحتمل أن يكون أسلاف البشر الأوائل قد استخدموا فكوكهم بطرق مختلفة، ما ساهم بتكوين أشكال فكوك فريدة. تقترح إحدى الفرضيات البارزة أن البشر الحديثين لم يعودوا بحاجة إلى فكوك قوية بعد أن بدأوا بطهي الطعام. مع ذلك، تبين أن أنواع بشرية أخرى- بما في ذلك إنسان نياندرتال- قد طهت طعامها أيضًا.

يخطط كيلينغ أيضًا لتوسيع نطاق دراسته لتشمل أنواع أقدم من إنسان نياندرتال، بما في ذلك أسلاف إنسان نياندرتال الذين تم اكتشافهم في مجمع كهوف سييرا دي أتايبويركا بشمال إسبانيا.

يميل البشر العصريون إلى امتلاك أسنان وفكوك أصغر حجمًا، وقد يكون ذلك قد ساهم جزئيًا بتطور الذقن. مع ذلك، تساءل كيلينغ قائلًا: «لكن، إذا كان الذقن مسألة حجم وحسب، فلماذا يُظهر البشر بجميع الأحجام اليوم تشكيلة واسعة من أشكال الذقن؟».

بالمقارنة مع أنواع الرئيسيات الأخرى، تكون وجوه البشر مُرتدة إلى الداخل ما يخلق جباهنا العظمية، فهل يؤدي هذا التطور نفسه إلى ظهور الذقن، أم للذقن غرض بيوميكانيكي؟

من المثير للاهتمام أيضًا اكتشاف الباحثين لاحتمالية معاناة العديد من أفراد النياندرتال من مرض المفصل الصدغي الفكي (TMJ)، وهو مصدر قلق عالمي متزايد لدى البشر اليوم. هل كان النياندرتال يستخدم فمه بطرق معينة ساهمت في ذلك، مثل الممارسات الثقافية التي تتضمن تحريك الأشياء بالفم؟ يثير هذا الموضوع فضول كيلينغ.

قال كيلينغ: « من خلال دراسة الفك، من الممكن أن نتمكن من استعادة رؤى حول تاريخ حياة النياندرتال الذي فقد مع مرور الوقت. وكذلك قصصنا نحن، لأن تاريخ جنسنا البشري لربما يعود إلى أكثر من 300 ألف عام، ويبدو أننا لا نتذكر منه إلا القليل، بل أقل من القليل».

الصورة: بريان كيلينغ، طالب دكتوراه في الأنثروبولوجيا، يبحث في تطور الذقن البشرية، وهو موجود حاليًا في إسبانيا بصفته حاصل على جائزة فولبرايت. المصدر: جامعة بينغهامتون.

 

ترجمة: علاء شاهين

المصدر: phys.org

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *