هل تستطيع الطفيليات الجينية تغيير التفاعلات بين الميكروبات والعوائل؟

حقق باحثون من معهد ماكس بلانك لعلم الأحياء التطورية في بلون ومعهد البيولوجيا في توبينغن تقدماً كبيراً في فهم تطور التفاعلات بين النباتات والميكروبات. تركز الدراسة على بكتريا Pseudomonas Syringae، العامل الممرض للنبات والمنتشر عالمياً، وعلى الأضرار التي تلحق بإنتاج الكيوي.

أدى تفشي سلالة جديدة من بكتيريا  Pseudomonas syringae pv. actinidae (Psa) إلى إحداث أمراض نباتية مدمرة تصيب الكيوي على مستوى العالم. يعد هذا المرض عاملًا رئيسيًا يحد من زراعة وإنتاج الكيوي عالميًا، إذ يتسبب بظهور بقع نخرية على الأوراق وتقرحات وموت الأفرع والسيقان وذبول الأغصان وموت الأزهار.

أظهرت تحليلات جينومات المجموعات التي أجراها الباحثون في معهد ماكس بلانك في بلون وتوبينغن سابقًا أن التفشي العالمي يعود إلى سلالة فرعية وبائية نشأت من مجموعة أكثر تنوعًا موطنها جنوب شرق آسيا. تسببت حالات إدخال منفصلة لهذه السلالة الفرعية المستنسخة بتفشي المرض في جميع مناطق زراعة الكيوي حول العالم تقريبًا.

خلال الانتشار العالمي للسلالة الفرعية للوباء، وبصورة مثيرة للاهتمام، كشف الباحثون عن ثلاثة أحداث مستقلة غزت فيها طفيليات جينية المستنسخ الوبائي، والمفاجئ أكثر، أن العناصر الطفيلية حملت طفيليات جينية أصغر تُعرف باسم الينقولات وانتشرت على نطاق واسع في الآونة الأخيرة.

دفع هذا الانتشار السريع الباحثين إلى التساؤل حول وظيفة الجينات التي تحملها الينقولات وما إذا كانت تساهم بالإصابة بالمرض. كانت الإجابة مفاجئة للجميع: فقد وجد الباحثون أن الينقول يتحكم بجينات البكتيريا المضيفة، ويتلاعب بها لصالحه، من خلال زيادة حجم الشعب البكتيرية -وهو أمر ضار للنبات- لكنه يعود بالفائدة على الينقول.

أكد البروفيسور الدكتور بول بي ريني، مدير قسم علم الأحياء السكانية الميكروبية في معهد ماكس بلانك لعلم الأحياء التطوري في بلون، على أهمية هذه النتائج، وقال: «تظهر نتائجنا أن التفاعلات، حتى في أبسط الكائنات الحية، لا تكون بين الكائنات الحية فقط، ولكن أيضًا بين المكونات الجينية التي تتكون منها الكائنات الحية، فهي معقدة بشكل لافت للنظر ويمكن أن يكون من الصعب توقع عواقبها على وظيفة الجماعة».

نُشر البحث مؤخرًا في وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم، ولا يساهم فقط في الوصول إلى فهم أعمق للتفاعلات بين النباتات والميكروبات، ولكن يمكن أن يكون له أيضًا آثار محتملة على تطوير استراتيجيات مكافحة الأمراض في الزراعة.

يواصل معهد ماكس بلانك لعلم الأحياء التطوري في بلون ومعهد الأحياء بجامعة توبينغن تعاونهما لفهم ألغاز تطور الكائنات الدقيقة والتفاعلات بينها بشكل أكبر.

الصورة: العواقب الخلوية لتلاعب الينقولات في استقلاب المضيف. المصدر: بول بي رايني، معهد ماكس بلانك لعلم الأحياء التطوري.

ترجمة: علاء شاهين

المصدر: phys.org

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *