يوفر جينوم أصغر حوت باليني نظرة ثاقبة عن التطور ومقاومة الأورام

الحوت الحقيقي القزم أو البال الأزعب هو نوع من الحيتانيات، يتبع جنس Caperea (Caperea marginata) وهو الأصغر بين جميع حيتان البالين على الرغم من أنه يمكن أن يصل طوله إلى ستة أمتار ويصل وزنه حتى ثلاثة أطنان. تتواجد هذه الأنواع في المنطقة حول القطبية في مياه أنتاركتيكا في نصف الكرة الجنوبي، ولم يُبلغ إلا عن عدد قليل من المشاهدات.

يعتبر هذا الحوت آخر عضو على قيد الحياة من فرع منقرض من حيتان البالين ولم يتلق سوى القليل من الاهتمام من المجتمع العلمي. ومع ذلك، يمكن أن توفر مادته الجينية معلومات مثيرة للاهتمام لأبحاث السرطان، بحسب ما اكتشف الآن فريق من العلماء من فرانكفورت ولوند بالسويد. نُشرت دراستهم حول تطور حيتان البالين ومقاومتها للأورام مؤخرًا في مجلة BMC Biology.

بأجسامها الضخمة، يجب أن تتعرض الحيتان للعديد من الأورام. كلما زاد عدد الخلايا لديك، زادت فرصة إصابة إحدى خلاياك بطفرة في نقطة حرجة من الجينوم، مما يؤدي إلى تطور الورم. على عكس حجمها وأعدادها الخلوية، يبدو أن الحيتان العملاقة لديها مخاطر منخفضة بشكل غير عادي للإصابة بالسرطان. تُعرف ظاهرة علم الأورام والإحصاء هذه، التي سميت باسم مكتشفها ريتشارد بيتو، باسم «مفارقة بيتو». ما تزال كيفية عمل هذه المقاومة على المستوى الجيني غير معروفة، لكن يحمل فك شفرتها إمكانات كبيرة لأبحاث السرطان.

لكشف هذا اللغز، حلل باحثون من مركز سينكنبرغ للتنوع البيولوجي وأبحاث المناخ (SBiK-F)، ومركز هيسيان لوي Hessian LOEWE لعلم جينوم التنوع البيولوجي الانتقالي (TBG) وجامعات فرانكفورت أم ماين ولوند بالسويد جينوم الحوت الحقيقي القزم. باستخدام الأساليب الحديثة في علم الجينوم والمعلوماتية الحيوية وعلم الوراثة العرقي وبحوث الانتقاء الطبيعي، اكتشفوا العديد من الجينات التي تحتوي على طفرات أكثر بشكل ملحوظ في الحيتان الكبيرة، مثل الحوت الأزرق أو الحوت الزعنفي أو الحوت المقوس الرأس، مقارنة بالحوت الحقيقي القزم.

بينما تعتبر الطفرات الجينية بشكل عام ضارة، يرتبط عدد كبير من الطفرات داخل الجين عادةً بتأثير إيجابي على النوع. وفقًا للباحثين، تشير النتائج إلى أن هذه الجينات «المختارة بشكل إيجابي» قد تلعب دورًا خاصًا في مقاومة الحوت للسرطان.

يوضح ماغنوس وولف، الباحث في SBiK-F وجامعة غوته في فرانكفورت، والمؤلف الأول للدراسة: «تُظهر النتائج الجديدة التي توصلنا إليها أن كل أنواع الحيتان الكبيرة تقريبًا تحتوي على جينات أخرى مختارة بشكل إيجابي في جينومها. ويمكن تفسير ذلك بفكرة نوقشت بالفعل في علم الحفريات، وهي أن العملقة الأيقونية للحيتان تطورت عدة مرات بشكل مستقل».

ويتابع: «يعني ذلك أن كل حوت أكبر قد يكون لديه تكيفاته الخاصة ضد الورم الذي يمكننا استخدامه يومًا ما». في الواقع، فإن معظم الجينات التي حددها الفريق معروفة بالفعل في أبحاث الأورام ولكن لم تُدرس على نطاق واسع بعد. لذلك يمكن أن توفر جينومات الحيتان معلومات مفيدة للبحوث الطبية في المستقبل.

في دراستهم، تمكن العلماء أيضًا من فك رموز العلاقات بين حيتان البالين، مثل الحيتان الرمادية والحيتان الحقيقية والطيور، بشكل أكثر دقة من ذي قبل. لقد حددوا نقطة في تطور الزواحف عندما انقسم سلفهم المشترك إلى ثلاث سلالات في نفس الوقت. تظهر هذه النتائج أيضًا أن التبادل الجيني بين أسلاف الأنواع الحالية كان لا يزال ممكنًا لفترة طويلة.

بحسب قائد الدراسة البروفيسور الدكتور أكسل يانكي، وهو أيضًا عالم في SBiK- F وجامعة فرانكفورت، اللذان ساعدا في إنشاء وقيادة مركز Hessian LOEWE وكان المتحدث الرسمي باسمه لمدة ست سنوات: «تتماشى دراستنا تمامًا مع شعار LOEWE Center TBG. بيانات الجينوم هي الأساس لفهم التنوع البيولوجي وتساهم في جهود الحفظ الدقيقة. وفي الوقت نفسه، تعتبر هذه النتائج ذات قيمة هامة للطب».

ومع ذلك، فإن البحث والإمكانات الطبية لعلم جينوم التنوع البيولوجي معرضة لخطر الضياع مع فقدان التنوع البيولوجي، فبحسب يانكي «على الرغم من أن حيتان البالين محمية الآن بشكل صارم، ويبدو أن سكانها يتعافون، لكن ما تزال هناك آثار للصيد السابق داخل جينومهم، مثل فقدان معين للتنوع الجيني، مع عواقب محتملة على المدى الطويل لهذه الحيتان. لذلك المراقبة الجينية الدقيقة مهمة».

ترجمة: ولاء سليمان

المصدر: phys.org

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *