طورت المواميث الصوفية آذان أصغر ومعاطف أكثف على مدار ٧٠٠ ألف عامًا جابت فيها السهوب السيبيرية

طورت المواميث الصوفية آذان أصغر ومعاطف أكثف على مدار ٧٠٠ ألف عامًا جابت فيها السهوب السيبيرية

قارن فريق من العلماء جينومات الماموث الصوفي مع تلك الخاصة بالفيلة الحالية واكتشفوا السر وراء فرادة الماموث الصوفي كفرد وكنوع. ذكر العلماء في السابع من نيسان في مجلة Current Biology أن العديد من خصائص فيلة الماموث الصوفي -متضمنةً المعاطف الصوفية والمخزون الدهني الكبير- كانت مرمزة جينيًا بالفعل في المواميث الصوفية الأوائل، لكن هذه السمات باتت جلية أكثر بعد ٧٠٠ ألف عام. حددوا أيضًا جينًا بطفرات عديدة مسؤولة ربما عن الآذان الصغيرة للمواميث الصوفية.

يقول عام الوراثة الإحاثي والمؤلف الرئيسي للدراسة دافيد ديز ديل مولينو من مركز الوراثة الإحاثي في ستوكهولم «أردنا أن نعرف ما الذي يجعل ماموث ما ماموثًا صوفيًا». يضيف «تمتلك المواميث الصوفية خصائصًا مورفولوجية فريدة كفروها الكثيف وآذانها الصغير كما هو متوقع أن نراه في العينات المتجمدة، بيد أنه ثمة أيضًا تكيفات أخرى كاستقلاب الشحوم وتحمل البرد لا تكون ظاهرة جلية وإنما موجودة على المستوى الجزيئي».

بهدف تحديد الجينات «المتطورة للغاية» في المواميث الصوفية -أي الجينات التي اختبرت طفرات عديدة- قارن الفريق جينوم ٢٣ ماموث صوفي سيبيري مع ٢٨ جينوم فيل آسيوي وإفريقي. تبين أن ٢٢ من هذه المواميث كانت حديثة نسبيًا، أي أنها عاشت خلال الـ ١٠٠ ألف عام الماضية. و١٦ جينوم من الجينومات لم يتم سلسلتها سابقًا. أم جينوم الماموث الصوفي الثالث والعشرين فيعود لأحد أقدم المواميث الصوفية المعروفة على الإطلاق، تشوكوتشيا، التي عاشت منذ قرابة ٧٠٠ ألف عام.

يقول لاف ديلن الأستاذ في الجينوم التطوري في مركز الوراثة الإحاثي في ستوكهولم وباحث رئيسي في الدراسة «أتاح لنا توفر جينوم تشوكوتشيا أن نحدد عدد من الجينات التي تطورت خلال فترة حياة الماموث الصوفي كنوع». ويضيف «سمح لنا هذا الأمر بدراسة التطور بالزمن الحقيقي، ويمكننا القول أن هذه الطفرات الخاصة فريدة للماموث الصوفي ولم تكن موجودة في أسلافه».

ومن غير المفاجئ أن العديد من هذه الجينات التكيفية للماموث الصوفي مرتبطة بطبيعة العيش في البيئات الباردة. نجد بعضًا من هذه الجينات لدى ثدييات قطبية معاصرة غير ذات صلة. يقول ديز ديل مولينو «وجدنا بعض الجينات عالية التطور تتعلق باستقلاب الدهون وتخزينها وتوجد أيضًا في الأنواع القطبية الأخرى الشمالي كحيوانات الرنة والدببة القطبية، ما يعني أنه من المحتمل أن يكون هناك تطور تقاربي لهذه الجينات في الثدييات المتكيفة مع البرد».

في حين نظرت الدراسات السابقة في جينومات واحد أو اثنين من المواميث الصوفية، تعتبر هذه المقارنة الأولى من نوعها إذ تغطي عدد كبير من الجينومات. أتاح حجم العينة الكبير للفريق تحديد الجينات الشائعة بين جميع المواميث الصوفية، وبالتالي على الأرجح أننها كانت جينات تكيفية على عكس الطفرات الجينية التي وجدت ضمن أفراد فقط.

يقول ديز ديل مولينو «وجدنا أن بعض الجينات التي اعتقدنا سابقًا أنه خاصة بالمواميث الصوفية هي في الواقع من الجينات المتغيرة بين المواميث، وهذا يعني أنها لم تكن بتلك الأهمية». احتوى جينوم تشوكوتشيا ٩١٪ من الطفرات تقريبًآ التي سبتت تغيرات في تشفير البروتين في المواميث الصوفية الأكثر معاصرةً. وهذا يعني أن العديد من السمات الفريدة للمواميث الصوفية- من ضمنها الفرو الكثيف، واستقلاب الدهون وتحمل البرد- كانت على الأرجح موجودة بالفعل عندما تفرع الماموث الأول عن سلفه، ماموث السهوب.

بيد أن هذه السمات قد تطورت أكثر في سلف التشوكوتشيا. يقول دالين «لم تكون المواميث الأولى متطورة بالكامل» ويضيف «امتلكت في الغالب آذان أكبر حجمًا وصوفها كان أقل كثافة غالبًا مقارنةً بصوف المواميث الصوفية اللاحقة.

امتلكت المواميث الصوفية الأحدث عدة طفرات مناعية في مستضدات الخلايا التائية لم تُشاهد في سلفها من قبل. يتكهن المؤلفون أن هذه الطفرات قد حسنت المناعة المتواسطة بالخلايا التائية استجابةً للعوامل الممرضة التي أخذت بالظهور آنذاك.

إن التعامل مع الحمض النووي للمواميث العتيقة يتخلله العديد من التحديات. يقول ديز ديل مولينو «إن الأمور تزداد صعوبةً مع كل خطوة نخطوها، من العمل الميداني إلى المختبري إلى المعلومات البيولوجية». ويضيف « بعيدًا عن العمل الميداني حيث يتوجب علينا مواجهة الدببة القطبية والبعوض، ثمة جانب صعوبة آخر إذ يتوجب علينا أن نعمل في مختبر للحمض النووي القديم وهذا يعني أنه يتوجب علينا أن نرتدي بزات تغطي كامل الجسم مزودة بقبعة وقناع مع واقي وجه وقفازات مضاعفة، ولهذا فإن العمل المختبري مزعج للغاية». ويضيف «أود أن أخص بالذكر هنا ماريان ديهاسك المؤلفة الثانية لهذه الورقة البحثية والتي أنجزت الجهد الهائل في المختبر لتحضير معظم العينات».

كافة المواميث التي استُخدم جينومها في هذه الدراسة قادمة من سيبيريا، لكن يأمل الباحثون بالتوسع ومقارنة المواميث الصوفية من أمريكا الشمالية مستقبلًا. يقول دالين «أثبتنا منذ عدة سنوات وجود تدفق جيني المواميث الصوفية وسلف المواميث الكولومبية، وهذا أمر علينا أخذه بالحسبان لأن المواميث الصوفية في أمريكا الشمالية ربما تحمل جينات خارجية».

ترجمة: حاتم زيداني

المصدر: phys.org

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *