اكتشف مهندسو الطب الحيوي في جامعة ديوك وجود صلة رئيسية بين انتشار جينات مقاومة المضادات الحيوية وتطور مقاومة الأدوية الجديدة في بعض مسببات الأمراض.
يظهر البحث أن البكتيريا المعرضة لمستويات أعلى من المضادات الحيوية غالبًا ما تحتوي على نسخ متطابقة متعددة من جينات مقاومة المضادات الحيوية. غالبًا ما ترتبط جينات المقاومة المكررة هذه بـ «جينات قافزة» تسمى الينقولات التي يمكنها الانتقال من سلالة إلى أخرى. لا يؤدي هذا إلى انتشار المقاومة فحسب، بل يعطي أيضًا دافعًا تطوريًا لتوليد مقاومة أنواع جديدة من الأدوية.
نُشرت النتائج في مجلة Nature Communications.
أظهر العمل السابق الذي أجراه مختبر لينشونغ يو Lingchong You أن 25% من مسببات الأمراض البكتيرية قادرة على نشر مقاومة المضادات الحيوية من خلال نقل الجينات الأفقي. وأظهروا أن وجود المضادات الحيوية لا يسرع معدل النقل الجيني الأفقي، لذا لا بد أن يكون هناك شيء آخر يدفع الجينات إلى الانتشار.
قال روهان مادامسيتي، زميل ما بعد الدكتوراه الذي يعمل في مختبر لينشونغ يو، وأستاذ جيمس إل ميريام المتميز في الهندسة الطبية الحيوية في جامعة ديوك: «تتطور البكتيريا باستمرار تحت العديد من الضغوط، والتكرار المرتفع لجينات معينة يشبه بصمة الإصبع التي تركت في مسرح الجريمة والتي تسمح لنا بمعرفة أنواع الوظائف التي تتطور بسرعة كبيرة. لقد افترضنا أن البكتيريا التي تتعرض للهجوم بالمضادات الحيوية غالبًا ما يكون لديها نسخ متعددة من جينات المقاومة الوقائية، ولكن حتى وقت قريب لم تكن لدينا التكنولوجيا للعثور على الدليل القاطع لذلك».
تنسخ تقنية قراءة الحمض النووي التقليدية مقتطفات قصيرة من الجينات وتعمل على إحصائها، مما يجعل من الصعب تحديد ما إذا كانت الأعداد الكبيرة من تسلسلات معينة موجودة بالفعل في العينة أو ما إذا كانت تُضخّم بشكل مصطنع من خلال عملية القراءة. ومع ذلك، في السنوات الخمس الماضية، أصبح التسلسل الكامل للجينوم باستخدام تقنية القراءة الطويلة أكثر شيوعًا، مما سهل على الباحثين اكتشاف مستويات عالية من التكرار الجيني.
في الدراسة، أحصى مادامسيتي وزملاؤه تكرار جينات المقاومة الموجودة في عينات من مسببات الأمراض البكتيرية المأخوذة من مجموعة متنوعة من البيئات. واكتشفوا أن أولئك الذين يعيشون في أماكن ذات مستويات أعلى من استخدام المضادات الحيوية (حول البشر والماشية) يمتلكون عددًا أكبر من النسخ المتعددة المتطابقة من جينات مقاومة المضادات الحيوية، في حين أن مثل هذه الازدواجية نادرة في البكتيريا التي تعيش في النباتات والحيوانات البرية والتربة والمياه.
وقال يو: «تحتوي معظم البكتيريا على بعض الجينات الأساسية المقاومة للمضادات الحيوية، لكننا نادرًا ما رأيناها تتكاثر في الطبيعة. على النقيض من ذلك، رأينا الكثير منها عند البشر والماشية، ويمكننا ربط ذلك بشكل واضح بالمضادات الحيوية».
ووجد الباحثون أيضًا أن مستويات ازدواجية المقاومة كانت أعلى في العينات المأخوذة من مجموعات البيانات السريرية التي من المحتمل أن يتناول فيها المرضى المضادات الحيوية. ويقولون إن هذه نقطة مهمة، لأن الزيادة في نسخ جينات مقاومة المضادات الحيوية تزيد أيضًا من احتمالية تطور البكتيريا لمقاومة أنواع جديدة من العلاجات.
وقال مادامسيتي: «من الممكن أن إنشاء نسخ مستمرة من الجينات لمقاومة البنسلين كان هو الخطوة الأولى نحو قدرة البكتيريا على مقاومة نوع جديد من الأدوية. يقود ذلك إلى احتمالات أعلى لتطوير طفرة خاصة عند هذه البكتيريا».
وأضاف: «يدرك الجميع أن هناك أزمة متنامية في مقاومة المضادات الحيوية، وكان رد فعلنا أمام ذلك هو تطوير مضادات حيوية جديدة. لكن ما نجده مرارًا وتكرارًا هو أنه إذا تمكنا من معرفة كيفية استخدام المضادات الحيوية بشكل أكثر كفاءة وفعالية، فمن المحتمل أن نتمكن من معالجة هذه الأزمة بشكل أفضل بكثير من مجرد تطوير أدوية جديدة».
وأضاف: «معظم المضادات الحيوية المستخدمة في الولايات المتحدة لا تستخدم على المرضى، بل في الزراعة. لذلك يعتبر هذا البحث رسالة مهمة بشكل خاص لصناعة الماشية، فهي المحرك الرئيسي لسبب وجود مقاومة المضادات الحيوية والتي تصبح أكثر خطورة».
ترجمة: ولاء سليمان
المصدر: phys.org