أصل المتحورات الخطيرة لفيروس كورونا

أصل المتحورات الخطيرة لفيروس كورونا

اكتشف باحثو الصحة والسلامة والبيئة، بالتعاون مع زملائهم من معهد Skoltech والمعهد المركزي لبحوث الأوبئة، الآليات الكامنة وراء ظهور متحورات جديدة وخطيرة لفيروس كورونا، مثل alpha و deltaو omicron وغيرها. لقد اكتشفوا أن احتمال حدوث طفرة استبدال في موقع معين من جينوم فيروس SARS-CoV-2 يعتمد على طفرات الاستبدال المتوافقة التي تحدث في مواقع أخرى.

وهذا يفسر سبب ظهور متحورات جديدة وأكثر نقلًا للعدوى بشكل غير متوقع وتختلف بشكل كبير عن تلك المنتشرة في السابق. نُشرت نتائج الدراسة في موقع eLife.

تتغير جميع الفيروسات بمرور الوقت، بما في ذلك فيروس SARS-CoV-2  المسؤول عن جائحة كورونا. كلما طالت مدة انتشار الفيروس بين السكان وكلما زاد عدد الأفراد المصابين به، كلما زادت التغيرات (الطفرات) المتراكمة فيه. عادةً ما تكون السلالات الجديدة من الفيروس مشابهة لسلالاتها الوالدية.

ومع ذلك، في بعض الحالات، قد تؤدي الطفرات إلى ظهور متحورات تتكيف بشكل أفضل مع البيئة وتشكل خطرًا أكبر على صحة الإنسان. تميل هذه المتغيرات إلى الانتشار بسرعة أكبر، وقد لا تستجيب للقاحات أو العلاجات الحالية، وقد يكون تشخيصها أكثر صعوبة.

على امتداد تاريخ فيروس كورونا، كانت هناك حالات مختلفة من المتحورات النشطة التي ظهرت بشكل غير متوقع. إن السلالات المكتشفة في المملكة المتحدة، وسلالتا دلتا وأوميكرون أيضًا، بدت وكأنها ظهرت من العدم وانتشرت بسرعة البرق. تختلف هذه السلالات اختلافًا كبيرًا عن سلالة ووهان الأصلية وتتمايز عن بعضها البعض من خلال طفرات متعددة. ومع ذلك، لم يتمكن العلماء من اكتشاف أي متحورات وسيطة أو انتقالية من شأنها أن تظهر تراكمًا ثابتًا لهذه التغييرات.

يقول أليكسي نيفيروف المؤلف المشارك للدراسة وكبير الباحثين في مختبر HSE  الدولي لعلم الجينوم الإحصائي والحاسوب «يمكننا تشبيه تطور الفيروس داخل مجتمع ما برحلة عبر تضاريس شاسعة تتخللها وديان وتلال. يتجول الفيروس بشكل عشوائي عبر هذا المشهد، ويموت بسرعة إذا انزلق ضمن إحدى التجاويف، ويعيش لفترة أطول في الوديان، ويزدهر عندما يصل إلى القمم».

«يمكننا تشبيه مشهد فيروس كورونا بمساحة مائية شاسعة مع جزر متناثرة تمثل متغيرات الفيروس التي تختلف عن بعضها البعض من خلال مجموعة محددة من الطفرات. وللانتقال من جزيرة إلى أخرى، يجب على المرء السفر بالقارب لفترة طويلة وتجنب الغرق. يفتقر العلم حتى الآن لإجابة دقيقة عن كيفية انتقال الفيروس بين هذه الجزر».

بعد تحليل أكثر من ثلاثة ملايين تسلسل جينوم لسلالات مختلفة من SARS-CoV-2، تمكن الباحثون الروس من تحديد مواقع معينة على البروتين السطحي لفيروس كورونا حيث حدثت طفرات استبدال للأحماض الأمينية، وتمييز المتحورات عن كل من سلالة ووهان الأصلية وعن بعضها البعض.

يبدو أن العديد من هذه المواقع تتطور بشكل متسق، بحيث أن التغييرات في الأحماض الأمينية في موقع ما أعقبها بسرعة تغييرات في موقع آخر. تم تمييز جميع المتحورات النشطة والخطيرة للفيروس عن المتحورات السائدة سابقًا من خلال أنماط طفرات الاستبدال المتعددة.

يشرح نيفروف «تنطوي عملية الانتقال من جزيرة إلى أخرى على تراكم الطفرات. ورغم أن الفيروس يكون «طافيًا» فهو مستضعف وضعيف التكيف. في الواقع، لا يمكنه الوصول إلى جزيرة أخرى إلا إذا امتلك «قاربًا» ما. أما بخصوص فيروس كورونا، قد يكون لدى الأفراد المصابين بـ COVID-19  طويل المدى تراكم من المتحورات ضعيفة التكيف في عموم السكان. ومع ذلك يمكن أن تتطور هذه المتحورات بمرور الوقت إلى أشكال أقوى لديها القدرة على الانتشار على نطاق واسع وغزو العالم».

يقترح مؤلفو الدراسة تفسيراً لسبب عدم ظهور المتحورات الوسيطة التي تختلف عن الفيروس الأصلي من خلال استبدال واحد أو اثنين فقط. من المحتمل أن هذه المتحورات «الضعيفة» تصبح «قوية» عندما تجمع النمط الكامل من طفرات الاستبدال الضارة. نتيجة لذلك، من الصعب التنبؤ بظهور سلالة جديدة شديدة التكيف.

الطريقة الإحصائية التي استخدمها مؤلفو الدراسة متعددة الاستخدامات ويمكن استخدامها للتحقيق في تطور العديد من مسببات الأمراض الأخرى. على وجه الخصوص، تم تطبيق هذا النهج بنجاح لدراسة تطور الأنفلونزا والسل.

ترجمة: حاتم زيداني

المصدر: phys.org

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *