أدلة على سباق تسلح استمر لمليارات السنين بين الفيروسات ومضيفيها
اقترح الباحثون نموذجًا تطوريًا جديدًا لأصل مملكة من الفيروسات تسمى Bamfordvirae، ويقترح النموذج سباق تسلح تطوري استمر مليارات السنين بين مجموعتين داخل هذه المملكة ومضيفيها.
توفر دراستهم، التي نُشرت اليوم كمسودة أولى مُحكّمة في eLife، تحليلات مقنعة تعزز فهمنا للتاريخ التطوري العميق للفيروسات والتفاعل بينها وبين أولى حقيقيات النوى (الكائنات الحية ذات الخلايا المنواة) وتنويع السلالات الفيروسية.
تشكل الفيروسات في مملكة بامفوردفيرا إحدى أكثر المجموعات الفيروسية تنوعًا التي تصيب الكائنات الحية. وهي تشمل فيروسات النووية الهيولية كبيرة الدنا NCLDVs ؛ (أكبر الفيروسات المحددة حتى الآن)، العاثيات الفيروسية (طفيليات فيروسية من فيروسات أخرى)، الفيروسات الغدية (الفيروسات الشائعة التي تسبب أعراضًا تشبه أعراض البرد والإنفلونزا)، وفيروسات مافريكس والشبيهة بالبولينتون (كلاهما عناصر جينية متنقلة شبيهة بالفيروسات وتستعمر جينومات مضيفيها).
ثمة فرضيتان رئيسيتان لأصل هذه الفيروسات: فرضية «الهروب النووي» و«العاثية أولاً». تقول فرضية الهروب النووي أن سلفًا شبيهًا بمافريك نشأ من مضيفين (داخلي التنشؤ)، وهرب من نواة الخلية المضيفة وأدى إلى ظهور فيروسات غدية وNCLDVs. في المقابل، تشير فرضية العاثية-أولًا إلى أن فيروسات NCLDVs تطورت بشكل مشترك مع العاثيات الفيروسية المبكرة. تطورت فيروسات مافريكس بعدئذٍ من العاثيات الفيروسية التي أصبحت داخلية التنشؤ مع هرب الفيروسات الغدية من نواة المضيف في مرحلة لاحقة.
يقول خوسيه غابرييل نينو باريت، مساعد أبحاث ما بعد الدكتوراه في جامعة أكسفورد بالمملكة المتحدة. «رغم هذه السيناريوهات المقترحة، لا يزال تنوع الفيروسات في مملكة بامفوردفيرا سؤالًا مفتوحًا في تطور الفيروسات. ولتحقيق فهم أفضل لتاريخها، أردنا اختبار التنبؤات التي قدمتها كل من نماذج الهروب النووي والعاثية-أولاً والتفكير بسيناريوهات بديلة تتعلق بأصل السلالات المختلفة».
باريت هو مؤلف مشارك للدراسة إلى جانب أريس كاتزوركيس، أستاذ التطور وعلم الجينوم في قسم علم الأحياء بجامعة أكسفورد.
استخدم باريت وكاتزوركيس طريقتين لاختبار الفرضيات (الاحتمالية القصوى وأطر بايزي) لمقارنة معقولية الهروب النووي مقابل السيناريوهات التطورية البديلة. ركزوا على أربعة بروتينات رئيسية مشتركة بين الفيروسات في هذه السلالة والتي تشارك في تكوين القفيصات الفيروسية: بروتينات قفيصة رئيسية وثانوية، ATPase المغلف للحمض النووي، والبروتياز.
طبقوا طريقتين أخريين تستخدمان البيانات الجينية لتقدير السلالات العرقية، لاستنتاج المسار التطوري للأنساب المختلفة. بعد ذلك، قاموا بتقييم ما إذا كانت الفيروسات الغدية و NCLDVs تنحدر من سلف مشترك وفقًا لسيناريو الهروب النووي.
كشفت تحليلاتهم عن أدلة قوية ضد وجود علاقة وثيقة بين الفيروسات الغدية و NCLDVsكما اقترحته فرضية الهروب النووي. بدلاً من ذلك، تشير النتائج إلى أن الفيروسات الغدية تنحدر من سلف مشترك مع مافريكس مقصيةً بذلك NCLDVs . على خلاف السيناريو الأول للعدوى الفيروسية، وجد الباحثون أن أحدث سلف مشترك لفيروس مافريكس والفيروسات الغدية لم يكن عاثية في الواقع. ومع ذلك، فإن عملهم لا يستبعد فرضية العاثية-أولاً بشكل قاطع، وهذا ما يجعلها الفرضية الأفضل بدعم من تحليلات علم الوراثة العرقي الحالي.
بالإضافة إلى ذلك، يوفر عملهم الدعم لتحديد موقع جذر Bamfordvirae السلفي بين العاثيات الفيروسية والسلالات الفيروسية الأخرى. وجه هذا الموقف الفريق نحو نموذج جديد للأصول التطورية لهذه الفيروسات.
يقول المؤلف المشارك أريس كاتزوراكيس «يقترح النموذج أن سلف بامفوردفيرا لم ينشأ من غزو نواة الخلية حقيقية النواة، وأنه كان فيروس DNA غير عاثي وذو جينوم صغير». ويضيف «نمط حياة العاثيات الفيروسية قد تطور في مرحلة لاحقة حيث أصبحت طفيليات متخصصة انطلاقًا من فيروسات NCLDVs السلف»
يضيف كاتزوراكيس أن التوقيت النسبي للأحداث يشير إلى أن أحدث سلف مشترك لمملكة بامفوردفيرا كان موجودًا منذ أكثر من مليار سنة، ويمتد حتى المراحل الأولى من حياة حقيقيات النواة. ومع ذلك، لا يتوفر حاليًا جدول زمني مطلق للتأريخ الدقيق لهذه الأحداث.
ترجمة: حاتم زيداني
المصدر: phys.org
