دراسة مثيرة للجدل: عاصرت الثدييات أقدم الديناصورات

أول حيوان ثديي معروف كان حيوانًا صغيرًا شبيهًا بالزبابات، عاصر الديناصورات الأولى منذ 225 مليون سنة، ما يعني أن تاريخ ظهور الثدييات أبكر بحوالي 20 مليون عام، وفقًا لدراسة جديدة مثيرة للجدل.

درس فريق دولي من الباحثين البقايا المتحجرة لحيوان يبلغ طوله 8 بوصات (20 سم) يُدعى Brasilodon quadrangularis ، وارتأى الفريق أنه حيوان ثديي بسبب وجود مجموعتي أسنان تنموان على مدار حياته كما معظم الثدييات، ومن ضمنها الإنسان الحديث. يزعم المؤلفون أن B. quadrangularis أقدم الثدييات المعروفة للعلم حاليًا، نظرًا لظهوره في السجل الأحفوري قبل حوالي 20 مليون سنة من Morganucodon الذي اعتبر سابقًا أقدم الحيوانات المعروفة من الثدييات.

إلا أن التصنيف المبكر للثدييات معقد، فالـ B. quadrangularis والـ Morganucodon كلاهما ليسا من الثدييات وينتميان لفروع أقدم في الشجرة التطورية رغم تشابه أسنانهما مع الثدييات.

لم يُعثر قط على الغدد الثديية المنتجة للحليب – إحدى السمات التي تساعد في تحديد الثدييات اليوم – في السجل الأحفوري، لذلك يفتش الباحثون عن دليل على وجود أسلاف للثدييات في العظام والأسنان الممعدنة. إحدى خصائص أسنان الثدييات هي وجود مجموعتين من الأسنان: الأسنان النفضية والأسنان الدائمة. في المقابل، غالبًا ما يمكن للزواحف والأسماك أن تعيد التسنين وتنمي مجموعات أسنان متعددة على امتداد حياتها.

حلل الباحثون ثلاثة فكوك سفلية لـ B. quadrangularis -فك يعود لفرد يافع وفكان لبالغين- من موقع Linha São Luiz  جنوب البرازيل، حيث اكتُشف النوع لأول مرة منذ عقود قرب بعض الديناصورات التي تعتبر من أقدم الديناصورات. استخدم الفريق تقنية لتقطيع الفكين لرؤية الأسنان النامية داخلها؛ يوجد في جامعات جنوب البرازيل الكثير من أحافير  B. quadrangularisلذا لم يكن تقطيع الفكوك تبذيرًا بقيمتها.

«ما وجدناه هو أن البرازيلودون يبدل أسنانه مرة واحدة فقط» وفقًا للمؤلفة المشاركة مارثا ريختر، وهي زميلة علمية في متحف التاريخ الطبيعي في لندن. إن وجود مجموعتين من الأسنان يجعل B. quadrangularis  ثنائي التسنين – وهو الاسم الذي يطلق على حيوان يمتلك مجموعتين من الأسنان – ويشير إلى أن B. quadrangularis يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالثدييات أكثر من ارتباطه بالزواحف.

«ليس لدينا أي أمثلة على زواحف بمجموعتين فقط من الأسنان، الزواحف القديمة تبدل أسنانها باستمرار بمعدلات مختلفة».

تشير الدراسات إلى أن الأسنان ثنائية التسنين هي نتيجة «سلسلة وراثية من الأحداث» التي لا تنظم شكل الجمجمة والأسنان فحسب، إنما أيضًا وظائف الجسم المرتبطة أيضًا بالثدييات، كالاستحرار الداخلي (القدرة على تنظيم حرارة الجسم بشكل استقلابي) والرضاعة ونمو الفراء. جميعها مرتبطة ببعضها البعض».

كان مظهر B. quadrangularis أشبه بحيوان ثديي بذيل طويل وميزات أخرى تشبه الزبابات. إن اعتبرنا هذا النوع على أنه أقدم حيوان ثديي معروف، سيصبح بذلك جزءًا من الخط التطوري الذي نجا من حدثي انقراض جماعيين، بما في ذلك اصطدام الكويكب الذي قضى على الديناصورات غير الطائرة في نهاية العصر الطباشيري قبل 66 مليون سنة ومكن الثدييات من التنوع عبر الأرض والبحر. بيد أنه لم يقتنع الجميع باستنتاجات الدراسة.

قال سيمون هوفمان، الأستاذ المشارك في معهد نيويورك للتكنولوجيا والمتخصص في التاريخ التطوري للثدييات المبكرة، لـ Live Science: «لا تقدم الدراسة أي بيانات لدعم التغيير في موقع Brasilodon على الشجرة التطورية.  استنادًا إلى جميع الدراسات الأخرى، فإن Brasilodon ليس من الثدييات، وهو بالتأكيد ليس أقدم الثدييات، وهو ليس حتى من ثدييات الشكل (الثدييات وأقرب أقربائها).

أشار هوفمان إلى أن مؤلفي الدراسة يستخدمون «الثدييات» و«ثدييات الشكل» بشكل متبادل تقريبًا في الدراسة. ورغم أن هذه ممارسة شائعة في المجتمع العلمي، يجب اعتبار هذه المجموعات الآن منفصلة. ثدييات الشكل عبارة عن فرع حيوي أبعد على شجرة التطور من الثدييات. تشمل ثدييات الشكل الأحافير التي تؤدي للثدييات بالإضافة للثدييات».

Morganucodon  هو أقدم نوع معروف من ثدييات الشكل، في حين يُصنف B. quadrangularis إما كمجموعة شقيقة بجانب ثدييات الشكل على الشجرة التطورية، أو كمجموعة شقيقة للفرع الحيوي الأكبر التالي، أشباه الثدييات.

تعتبر الأسنان ثنائية التسنين سمة معروفة لثدييات الشكل، ورغم أن وجود هذه السمة لدى B. quadrangularis أمر مثير حقًا، هذا لا يعني بالضرورة أنه ينتمي لثدييات الشكل. ترث الحيوانات السمات من أسلافها، لكن الحياة تتطور باستمرار وتتغير لتشكل فروعًا جديدة على الشجرة التطورية.

«كان يُعتقد سابقًا أن الريش هو السمة المميزة للطيور. بتنا نعلم الآن أن الريش قد وُجد قبل ذلك بكثير وكان سمة شائعة لدى العديد من الديناصورات. ولكن إعادة هيكلة التيرانوصور بحيث يمتلك ريش الآن لا يجعله طائرًا».

اعترفت ريختر بأن نتائج الدراسة قد تكون موضع جدل، مشيرًا إلى أن تصنيف مجموعات الثدييات المبكرة مثير للجدل وأن النقاش حول كيفية تصنيف أقدم الثدييات مايزال مستمرًا.

«ستلقي هذه الورقة البحثية الضوء على هذا النقاش».

 

ترجمة: حاتم زيداني

المصدر: livescience

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *