بحسب دراسة جديدة ما يزال البشر يتطورون، ولكن قبل أن نتحضر لذلك، يجب أن نعلم أن بعض التغييرات الجينية قد تزيد من سوء التأثيرات الكحولية.
اكتشف الباحثون وجود مجموعات سكانية معينة فقط لديها تكيفات جينية تجعل من الصعب عليهم تحمل الكحول، ولكن لا يوجد ما يدل على مدى سرعة انتشار ذلك إلى مجموعات سكانية أخرى.
بالنسبة للأشخاص الذين يملكون بالفعل هذه التكيفات الجينية، فمن الممكن أنه تطور لديهم «نقص في تحمل الكحول في بيئة اليوم» بحسب كبير الباحثين في الدراسة بنجامين فويت، وهو أستاذ مشارك في علم الوراثة في كلية بيرلمان للطب بجامعة بنسلفانيا لـ Live Science في رسالة بريد إلكتروني.
قال فويت إن الباحثين أجروا الدراسة حتى يتمكنوا من معرفة مناطق الجينوم البشري التي تكيفت (أي تطورت) على مدى عشرات الآلاف من السنين الماضية. وللتحقق من ذلك، نظروا في البيانات المتاحة للجمهور من مشروع 1000 جينوم، وهو مشروع تسلسل كبير جمع الجينومات لأكثر من 2500 فرد من أصول متنوعة، يمثلون 26 مجموعة مختلفة من أربع قارات.
بعد تحليل الجينوم، وجد الباحثون بعض المواقع الجينية التي أظهرت علامات التكيف.
يُعرف أحد هذه المواقع باسم مجموعة جينات نازعة هيدروجين الكحول (ADH). وبحسب الدراسة فقد أشارت الأبحاث السابقة إلى ذلك أيضًا.
التكيفات مع الكحول
عندما يشرب الناس الكحول، فإن أجسامهم تستقلبها إلى وسيط سام يعرف باسم الأسيت ألديهيد. عندما يتراكم الأسيت ألديهيد في الجسم، قد يؤدي إلى ردود فعل سلبية، بما في ذلك احمرار الوجه والغثيان وسرعة ضربات القلب، وفقًا لتقرير صدر عام 2007 في مجلة Alcohol Research Current Reviews.
لكن لا يبقى الأسيت ألديهيد عادةً في الجسم لفترة طويلة، لأنه يُستقلَب إلى مركب أقل سمية يُعرف باسم الأسيتات، والذي يمكن استقلابه بسهولة والتخلص منه من قبل الجسم.
بعض الأشخاص من أصل شرق آسيوي لديهم تباين وراثي يجعل شرب الكثير من الكحول أمرًا غير مريح. وقال فويت إن هذا الاختلاف يقلل من وظيفة الجين الذي يحول الأسيت ألديهيد إلى مركبات أقل سمية. هذا يعني أن الأسيت ألديهيد يمكن أن يتراكم بسرعة عند هؤلاء الأفراد، مما يؤدي إلى الشعور بعدم الراحة.
بعبارة أخرى، لن يتمكن الأشخاص الذين لديهم هذا الاختلاف الجيني من شرب الكثير من الكحول بدون الشعور بآثاره السلبية بعد فترة وجيزة. وكتب الباحثون في الدراسة أنه على الجانب الإيجابي، قد يكون الأشخاص الذين يعانون من هذا التكيف أقل عرضة للإدمان على الكحول.
ومع ذلك، لا يطور جميع البشر هذه التغييرات الجينية. ووجد الباحثون أنه حتى الآن، اكتُشف هذا الاضطراب فقط لدى أشخاص من أصول غرب أفريقية وشرق آسيوية.
وأشار فويت إلى أنه ليس من الواضح ما إذا كان هذا التكيف يحدث لحماية الناس من الإفراط في الشرب. وبدلاً من ذلك، تظهر النتائج أن الضغوط التي عانى منها أسلافنا في الماضي البعيد قد أثرت على «تكوين جينومنا بعدة طرق» على حد قوله. وقال فويت إن هذه التكيفات «أثرت بدورها على تنوع السمات وقابلية الإصابة بالأمراض التي نلاحظها اليوم».
تكيفات أخرى
لم يكن التكيف المرتبط بالكحول هو النتيجة الوحيدة من الدراسة.
يتضمن التكيف الآخر مجموعة جينات الغليكوفرين، والتي يعتقد أنها تلعب دورًا في كيفية استجابة البشر للجراثيم، وخاصة مقاومة الملاريا. ومع ذلك، من الصعب معرفة كيفية تفسير هذه النتيجة. قال فويت إن هذا التكيف يمكن أن يكون استجابة لمساعدة البشر على بناء مقاومة ضد الملاريا، أو قد يكون استجابة لمُمْرِض آخر كان موجودًا في العصور التاريخية السابقة، ويؤدي بدوره إلى مقاومة الملاريا أيضًا.
اكتشف الباحثون أيضًا تسلسلاً جينيًا في الجين CT64 الذي من المحتمل أن يكون البشر الأوائل قد اكتسبوه عندما مارسوا الجنس مع إنسان نياندرتال. قال فويت إن هذا التسلسل لا يرمز إلى بروتين واضح، ولكن يُعبر عنه في الخصيتين عند الذكر.
ترجمة ولاء سليمان
المصدر: livescience