جرو غامض محنط تبين أنه ذئب

تجمد «دوغور» في تربة سيبيريا الصقيعية

اكتشف بحث جديد أن الجرو المحنط المكتشف في سيبيريا ليس كلبًا، إنما في الواقع ذئب صغير مات منذ18,000  سنة.

في دراسة جديدة تهدف إلى فهم تدجين الكلاب، حلل الباحثون جينوم هذا الجرو إلى جانب جينومات 72 ذئبًا قديمًا. عُثر على الجرو في تربة سيبيريا الصقيعية عام 2018 وبات أصله قيد النقاش منذ ذلك الحين، وسُمي «دوغور» وكان سليمًا بالكامل مع فرو وشوارب سليمة. لم يتمكن العلماء في البداية من تحديد إن كان الجرو ذئبًا أم كلبًا، لكن التحليل الجديد كشف أنه كان ذئبًا – وأنه لم يكن وثيق الصلة بالكلاب الأولية.

قال أندرس بيرغستروم، زميل بحث ما بعد الدكتوراه في علم الجينوم القديم في معهد فرانسيس كريك في لندن، قال لـ Live Science «نعلم أن الكلاب كانت أول حيوان دُجن في العصر الجليدي». بيد أن جوانب أخرى من عملية تدجينها تبقى من الألغاز الكبيرة في عصور ما قبل التاريخ البشري. «لا نعرف أين حدث تدجينها بالضبط، لا نعرف الجماعة البشرية المرتبطة بعميلة التدجين، ولا نعرف إن كانت قد حدثت مرة واحدة أو عدة مرات».

من العواء إلى النباح

كان جينوم «دوغور» واحدًا من بين 66 جينوم ذئب قديم لم يُسلسل سابقًا، ودرسه بيرغستروم وزملاؤه ونظروا أيضًا في جينومات خمسة ذئاب قديمة مُسلسلة سابقًا وكلب دول قديم، وهو نوع آخر من الكلاب البرية مايزال موجودًا حتى اليوم في أجزاء من آسيا.

كان الباحثون يفتشون عن أدلة حول أصل الكلاب المدجنة «Canis lupus familiaris». من الواضح أن الكلاب قد دُجنت قدومًا من الذئاب الرمادية «Canis lupus» بيد أن جينات الذئاب الحديثة قد تغيرت كثيرًا على مر العصور لدرجة يستعصي فيها تحديد الذئاب التي هجرت حياتها البرية لتتعاون مع البشر. لتحديد أقرب أسلاف الذئاب من الكلاب الأولى، من المهم أن ندرس الذئاب من فترة تدجين الكلاب – أي منذ حوالي 30000 إلى 14000 سنة.

غطت الـ 72 عينة 100000 عام من عصور ما قبل التاريخ في أوروبا وسيبيريا وشمال غرب أمريكا الشمالية. كشفت الجينومات أن الذئاب قد ازدهرت خلال العصر الجليدي بوجود جمهرة متصلة عالميًا. لكن النتائج الأكثر إثارة تتعلق بعملية الانتقال من الذئب إلى الكلب. وجد الباحثون أن الكلاب ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالذئاب القديمة من شرق أوراسيا أكثر من ارتباطها بالذئاب القديمة من غرب أوراسيا.

قال بيرغستروم «يوحي هذا لنا بأن التدجين ربما حدث في مكانٍ ما في الشرق، في مكانٍ ما في آسيا، وغالبًا ليس في أوروبا. لكن آسيا كبيرة جدًا؛ ولا يمكننا أن نكون دقيقين حول مكان حدوث ذلك».

قال بيرغستروم إن شمال شرق سيبيريا، حيث عُثر على دوغور، لا يبدو أنه نقطة انطلاق الانتقال الجيني، لأن الذئاب من هذه المنطقة لا ترتبط بالكلاب الأولية ارتباطًا وثيقًا. لكن ثمة العديد من المناطق الأخرى في آسيا حيث لم يُجمع دنا الذئاب القديمة بَعد ويُدرس، لذا فمن المحتمل أن ذئاب ما قبل الكلاب جاءت من منطقة لم تؤخذ منها عينات إطلاقًا.

حكاية غامضة

يخبرنا التحليل الجينومي أيضًا أن الكلاب من الشرق الأدنى وأفريقيا حصلت على جزء من جيناتها من مصدر غربي أوراسي مجهول. ثمة تفسيران محتملان. الأول هو أن الكلاب قد دُجنت في آسيا، واختلطت مع جمهرات الذئاب المحلية أثناء تحركها غربًا وأخذت جينات الذئب الغربي الأوراسي. يقترح التفسير الآخر أن التدجين حدث مرتين، في كلا المنطقتين الشرقية والغربية، وأن الكلاب من حدثي التدجين هذين اختلطت واندمجت بعدئذٍ.

قال بيرغستروم: أيًا كان ما حدث، لا بد وأنه وقع قبل 7200 عام، وهو عمر أقدم كلب عُثر عليه في الشرق الأدنى. احتوت تلك العينة على جينات شرقية وغربية.

«من خلال الحصول على جينومات كلاب أقدم من الشرق الأدنى أو تلك المنطقة عمومًا، قد نغدو قادرين أكثر على حسم ما إذا كان التدجين قد حدث على مرحلة واحدة أو مرحلتين».

نُشرت النتائج في 29 يونيو في مجلة Nature.

 

ترجمة: حاتم زيداني

المصدر: livescience

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *