الأشخاص الذين ينكرون التطور أكثر تحيزًا ضد الأقليات

وجد الباحثون باستخدام استبيانات جُمعت في 46 دولة أن إنكار التطور مرتبط بمستوى أعلى من التحيز والمواقف العنصرية والسلوكيات التمييزية تجاه أفراد مجتمع الميم والأقليات العرقية والعدائية العامة تجاه الأشخاص الذين يُنظر إليهم على أنهم من جماعة خارجية.

استندت النتائج، التي نُشرت في مجلة Journal of Personality and Social Psychology، إلى بيانات من الولايات المتحدة و19 دولة في أوروبا الشرقية و25 دولة إسلامية وفلسطين.

«وجدنا أن إنكار النظرية القائلة بأن البشر تطوروا من حيوانات أخرى قد ارتبط بالتحيز والمواقف العنصرية ودعم السلوكيات التمييزية تجاه الجماعات الخارجية البشرية، ولا سيما الأقليات (بناءً على هويتهم الإثنية أو الدينية أو الجنسية). كان هذا الارتباط صغيرًا بشكل عام ولكنه كان ثابتًا عبر مختلف البلدان والثقافات» هذا ما قاله مؤلفو البحث لموقع IFLScience.

«الأهم من ذلك، ورغم ارتباط الاقتناع بالتطور البشري بالتدين والمحافظة السياسية، فإن الروابط بين تصديق التطور البشري والمواقف المتعصبة موجودة أيضًا عبر الفئات الدينية المختلفة عند مراقبة معايير التدين والآراء السياسية بالإضافة إلى المتغيرات الأخرى ذات الصلة (مثل الدخل ومستوى التعليم وما إلى ذلك). عُثر على النتائج أيضًا ضمن الجماعات غير المهيمنة (الأقليات الدينية والإثنية)»

لسوء الحظ، يعتبر التعصب الأعمى شائعًا جدًا في الثقافة البشرية، بيد أن حقيقة كوننا حيوانات قد تساعد في تحدي ذلك التعصب داخل أنفسنا ومجتمعاتنا. يقترح العمل، بقيادة الباحث الخريج ستايليانوس سيروبولوس والدكتور يوري ليفشين، فرضيتين وراء حدوث ذلك.

أولًا نظرية الهوية الاجتماعية، إذ يتمحور تعريفنا لأنفسنا حول هوية المجموعة. لذلك إذا تمكنا من قبول إنسانيتنا المشتركة وحتى طبيعتنا الحيوانية المشتركة، فيمكننا توسيع مجموعتنا الانتمائية لاحتضان أولئك المختلفين عنا.

الفكرة الأخرى تأتي من نظرية التحكم بالرهبة. يميل البشر لإنكار الموت، معتقدين أنه يمكننا البقاء على قيد الحياة حرفيًا أو رمزيًا. ثقافاتنا وأدياننا وأممنا، والشبكة المعقدة الكاملة التي تخلق مجموعاتنا الانتمائية، تحمينا من هذه الأسئلة الوجودية. لذلك نحب التمسك بأفكار تلك المجموعات. يمكن لتحدي تلك الأمور أن يفتح أعيننا على تعصبنا الأعمى.

لم تُحدِث نظرية التطور ثورة في العلم فحسب بل أبعد من ذلك. من خلال ربطنا بالحيوانات والعالم الطبيعي ككل، فقد غيّرت نظرة البشرية لنفسها.

«يقترح علم النفس الاجتماعي الكلاسيكي أن العثور على إنسانيتنا المشتركة ورؤية تشابهنا مع مجموعاتنا الخارجية، هو السبيل لتقليل التعصب الأعمى ضد الجماعات الخارجية. ورغم صحة الأمر، فإن هذا الحل ليس بالمثالي، لأنه مايزال يتجاهل حقيقة أننا كائنات حيوانية جوهريًا».

«لذلك ربما يكمن الحل بأن نكون قادرين على الاعتراف بأصلنا الحيواني المشترك – أننا جميعًا حيوانات، داخل جماعتنا وخارجها على حد سواء، وبالتالي نكون أقل اعتمادًا على هوياتنا الثقافية والوطنية، ما قد يضعف الاختلافات بين المجموعات، ويؤدي في النهاية إلى تقليل التحيز والصراع بين المجموعات».

استُخدمت نظرية التطور لتحدي المواقف المتعصبة كالعنصرية وكراهية النساء ورهاب مجتمع الميم، وقد استُخدمت أيضًا لإدامة التعصب تحت ستار العلم مثل حركة تحسين النسل. لذا لمجرد أن شخصًا ما يؤمن بصحة التطور، فهذا لا يعني أنه لا يمتلك مواقف عنصرية أو معادية للمرأة أو معادية للمثليين أو معادية للمتحولين جنسيًا أو معادية لذوي الاحتياجات الخاصة.

يعمل الفريق لمعرفة ما إذا كان زيادة اقتناع الناس بالتطور البشري وارتباطنا الذي لا يمكن إنكاره بعالم الحيوان يمكن أن يساعد في تحدي التعصب الأعمى في جميع المجالات.

ترجمة: حاتم زيداني

المصدر: iflscience

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *