مكنت الاكتشافات الطبية المكثفة من دراسة دقيقة للعيوب الخِلقية. لعل أكثرها إثارة للاهتمام، المتعلقة منها بالإرث الجيني المشترك مع الثدييات الأخرى فيما يعرف بالتأسل الرجعي، كظاهرة الذيل الحقيقي عند الولادة. و هي نادرة الوقوع، (100 حالة ذكرت بالأدب الطبي) و تختلف عن الذيل الكاذب، الذي هو عبارة عن آفة بسيطة تتواجد صدفة أسفل الحوض.
في المقابل، الذيل الحقيقي الرجعي هو نتاج تراجع غير تام للجزء السفلي للجنين، أي ذيله، و هي ظاهرة حميدة لا تهدد صحة المولود.
متكون من نسيج معقد لعضلات إرادية في محوره، أوعية دموية و ألياف و خلايا حسية عصبية، يُغطى الذيل بطبقة جلدية (كالتي تغطي باقي الجسد) مع بُصيلات شَعرية، و غُدد عَرقية و دهنية. أما طوله فيتراوح بين 2.5 و 12.5 سنتيمتر و بالاستطاعة تحريكه إراديا وفق الحالة العاطفية للمولود.
عادة ما يفتقد لهيكل عظمي، إلا أن بعض الحالات تصف ذيولا بغضاريف و فقرات متصلة. هذا مع العلم و أن المكونات العظمية ليست ثابتة الوجود بذيول الثدييات كالمَكَاك البربري و هو من الرئيسيات الذي له ذيل لا ينمو و لا يُكَون فقرات.
التوارث العائلي للذيول الحقيقية نادر و الحالات الطبية المذكورة في السياق قليلة، و لعل أهمها توارث ثلاثة نساء للتشوه عبر ثلاثة أجيال.
يمكن اختصار الأسباب المؤدية للتأسل الرجعي في آليتين، فإما طفرة جينية أو مؤثرات محيطية تعيد تنشيط النمو البُنيوي لأعضاء أو وظائف أُحتفظ بها مشفرة في الجينوم البشري.
تم تعريف الجينات التي تتحكم في نمو الذيل لدى الفئران و فقاريات أخرى، و هما Wnt-3a و Cdx1.
و كما كان متوقعا بحكم الإرث الجيني، فقد عثر عليهما لدى الإنسان. الذي يشهد جَنينه، في فترة متقدمة من الحمل، عملية موت مبرمج للخلايا في مستوى الذيل فتتم إزالته بعد أسابيع قليلة من تكوينه.
حيث أضحى معلوما اليوم، أن كبح الجين Wnt-3a يساهم في الموت المبرمج لخلايا الذيل لدى كل من الفئران و الإنسان. و في حالة فريدة اكتشف باحثون فأرة بدون ذيل بسبب طفرة أنقصت من كمية هذا الجين في خلاياها.
ما يحدث لدى الجنين البشري هو العكس، طفرة أو ظروف محيطية تزيد من تعبير الجين Wnt-3a، و بالتالي منع موت الخلايا و الاحتفاظ بالذيل.
انتقادات:
مبدأ التأسل الرجعي لم يتلق ترحيبا من أطراف معارضة للتطور كـ”دوان جيش” الذي اعتمد على حالة واحدة في رده و التي وصفها كونها مجرد عيب خلقي بسيط أعتبرها البعض ذيلا، لا تحوي فقرات و لا عضلات و لا يمكن تحريكها.
يبدو أن “دوان جيش” اعتمد في وصفه على ذيل كاذب، و الذي بينا أعلاه انه مختلف عن الحقيقي و لا يعكس تراجعا تطوريا. و نعيد التذكير بأن الفقرات ليست ضرورية الوجود في ذيول الثدييات و حتى الرئيسيات.
ثم أن العثور على الجينات المسؤولة عن تكوين الذيل في الجينوم البشري في حالة معطلة يتماشى و النظرية التطورية.
المصدر: talkorigins
اقرأ أيضًا: قصة الحرب التي نشبت بين الإنسان والنياندرتال واستمرت أكثر من مئة ألف عام