قبل تطور الأرجل من الزعانف، مر الهيكل العظمي المحوري (بما في ذلك عظام الرأس والرقبة والظهر والأضلاع) بتغيرات ساعدت أسلافنا في النهاية على دعم أجسادهم للمشي على الأرض.
أكمل فريق بحث يضم عالم أحياء من ولاية بنسلفانيا عملية إعادة بناء جديدة للهيكل العظمي لتيتاليك (Tiktaalik)، وهي سمكة أحفورية عمرها 375 مليون عام تعد واحدة من أقرب الأقارب للفقاريات ذات الأطراف. يُظهر البناء الجديد أن أضلاع السمكة من المحتمل أن تكون متصلة بحوضها، وهو ابتكار يُعتقد أنه مهم لدعم الجسم ولتطور المشي في نهاية المطاف.
نُشرت ورقة بحثية تصف إعادة البناء الجديدة، والتي استخدمت التصوير المقطعي المحوسب (micro-CT) لمسح الحفرية والكشف عن فقرات وأضلاع السمكة التي كانت مخبأة سابقًا تحت الصخور، في 2 أبريل في مجلة Proceedings of the National Academy of Sciences.
وقال توم ستيوارت، الأستاذ المساعد في علم الأحياء في كلية إيبرلي للعلوم في ولاية بنسلفانيا وأحد قادة فريق البحث: «اكتشفنا سمكة تيكتاليك في عام 2004، لكن الأجزاء الرئيسية من هيكلها العظمي كانت غير معروفة. تُظهر لنا هذه الأشعة المقطعية الدقيقة الجديدة عالية الدقة فقرات وأضلاع تيكتاليك وتسمح لنا بإعادة بناء هيكلها العظمي بشكل كامل، وهو أمر حيوي لفهم كيفية تحركها عبر العالم».
على عكس معظم الأسماك، التي تحتوي على فقرات وأضلاع متماثلة على طول الجذع، تُظهر الهياكل العظمية المحورية للفقاريات ذات الأطراف اختلافات كبيرة في الفقرات والأضلاع من منطقة الرأس إلى منطقة الذيل. وقد سمح تطور هذه الاختلافات بأداء وظائف متخصصة، كان من بينها الربط الميكانيكي بين الأضلاع في المنطقة العجزية بالحوض مما أتاح دعم الجسم عن طريق الأطراف الخلفية.
ترتبط الزعانف الحوضية للأسماك من الناحية التطورية بالأطراف الخلفية في رباعيات الأرجل، وهي الفقاريات ذات الأطراف الأربعة، بما في ذلك البشر. في الأسماك، تكون زعانف الحوض وعظام حزام الحوض صغيرة نسبيًا وتطفو بحرية في الجسم. وأوضح الباحثون أنه بالنسبة لتطور المشي، أصبحت الأطراف الخلفية والحوض أكبر بكثير وشكلت اتصالًا بالعمود الفقري بهدف زيادة الدعم.
وقال ستيوارت: «إن سمكة تيكتاليك رائعة لأنها تعطينا لمحات عن هذا التحول التطوري الكبير. عبر هيكلها العظمي بأكمله، نرى مجموعة من السمات النموذجية للأسماك والحياة في الماء بالإضافة إلى السمات التي تظهر في الحيوانات التي تعيش على الأرض».
ركز الوصف الأصلي لتيكتاليك على الجزء الأمامي من الهيكل العظمي. جهز العلماء الحفريات بدقة وأزالوا البقايا الصخرية المحيطة بها وكشفوا الجمجمة وحزام الكتف والزعانف الصدرية. كانت الأضلاع في هذه المنطقة كبيرة وموسعة، مما يشير إلى أنها ربما كانت تدعم الجسم بطريقة ما، ولكن لم يكن من الواضح بالضبط كيف كانت تعمل. وفي عام 2014، نُظف أيضًا حوض السمكة، الذي اكتُشف في نفس الموقع مثل بقية الهيكل العظمي من المصفوفة.
وقال ستيوارت: «من الدراسات السابقة، علمنا أن الحوض كان كبيرًا، وكان لدينا شعور بأن الزعانف الخلفية كانت كبيرة أيضًا، لكن حتى الآن لا أستطيع تحديد ما إذا كان الحوض يتفاعل مع الهيكل العظمي المحوري أم لا. تُظهر عملية إعادة البناء هذه، لأول مرة، كيف تتلاءم جميعها معًا وتعطينا أدلة حول كيفية تطور المشي لأول مرة».
وأوضح الباحثون أنه على عكس الوركين لدينا حيث تتلاءم عظامنا بشكل وثيق مع بعضها البعض، فإن الاتصال بين الحوض والهيكل العظمي المحوري لتيكتاليك كان على الأرجح عبارة عن اتصال من الأنسجة الرخوة المصنوعة من الأربطة.
وقال ستيوارت: «كان لدى تيكتاليك أضلاع متخصصة مرتبطة بالحوض بواسطة رباط. إنه أمر مذهل حقًا. يتمتع هذا المخلوق بالعديد من السمات (زوج كبير من الزوائد الخلفية، وحوض كبير، واتصال بين الحوض والهيكل العظمي المحوري) والتي كانت أساسية لبدء المشي. وبينما من المحتمل أن سمكة تيكتاليك لم تكن تمشي، لكنها كانت بالتأكيد تفعل شيئًا جديدًا، فقد كانت قادرة على دعم نفسها والدفع بزعانفها الخلفية».
وتلقي عملية إعادة البناء الجديدة للهيكل العظمي الضوء على تخصصات حركة الرأس في التيكتاليك وتفاصيل جديدة عن تشريح الزعنفة الحوضية للأسماك.
وقال نيل شوبين، أستاذ الخدمة المتميزة لروبرت ر. بنسلي في علم الأحياء وعلم التشريح العضوي بجامعة شيكاغو وأحد مؤلفي الورقة: «إنه أمر لا يصدق رؤية الهيكل العظمي للتيكتاليك بمثل هذه التفاصيل الحية. تمهد هذه الدراسة الطريق لمعرفة كيفية تحرك الحيوان وتفاعله مع بيئته قبل 375 مليون سنة».
ترجمة: ولاء سليمان
المصدر: phys.org