فهم التاريخ التطوري لذبابة الأفعى عن طريق تحليل جينومها بشكل كامل

اكتسبت الذبابة الأفعى (أو ما يُعرف بالذباب الأفعواني) (Raphidioptera)، المعروفة أيضًا باسم ذباب عنق الجمل، المزيد من الشهرة مع اختيار الذبابة الأفعى سوداء العنق كحشرة عام 2022 في ألمانيا والنمسا وسويسرا. تملك هذه الحشرات النهارية المفترسة شكل ملفت للنظر وتعيش فقط في نصف الكرة الشمالي. ومع ذلك، غالبًا ما يتغاضى الأغلبية عن هذا الصنف من نظائر عرقيات الأجنحة Neuropterida (وهي فوق رتبة تتبع تحت طائفة ثنائيات اللقمة من طائفة الحشرات).

حلل علماء من فرانكفورت ومونشيبيرج وفيينا تسلسل جينوم ذبابة الأفعى بشكل كامل للمرة الأولى. توفر البيانات نظرة ثاقبة عن تطور هذه الحشرات وتساعد على إجراء العديد من المقارنات الجينية.

سُميت ذبابة الأفعى، التي يبلغ طولها عادةً أقل من 2 سم نتيجة لمظهرها المميز: الجزء الصدري الأول طويل جدًا، وكذلك الرأس، وكلاهما متحرك بشكل لافت للنظر. كانت أسلاف هذه المجموعة من الحشرات التي عاشت في زمن الديناصورات متشابهة مع حشرات اليوم بشكل كبير.

يقول البروفيسور الدكتور توماس شميت، مدير معهد سينكينبيرج الألماني للحشرات في مونشبيرج: «يمكننا استنتاج ذلك من الحفريات، وبالتالي يمكن وصف ذبابة الأفعى أيضًا على أنها حفرية حية».

«في ذلك الوقت، أي قبل حوالي 66 مليون سنة، كانت هذه الحشرات أكثر انتشارًا مما هي عليه اليوم، وكان هناك العديد من الأنواع. ومع ذلك، بعد التأثير التاريخي للكويكب العملاق في نهاية العصر الطباشيري والتغيرات المناخية اللاحقة لم ينجو الكثير من تلك الأنواع، بقي فقط الانواع التي كانت قادرة على التكيف مع درجات الحرارة الباردة».

جميع الأنواع المعروفة اليوم والتي يبلغ عددها حوالي 250 نوعًا توجد حصريًا في نصف الكرة الشمالي، 10 منها في ألمانيا.

وفي الدراسة الحالية، التي نشرت في مجلة Journal of Heredity، حلل العلماء ذبابة الأفعى سوداء العنق (Venustoraphidia nigricollis)، المنتشرة على نطاق واسع في أوروبا.

يقول الدكتور ماغنوس وولف، المؤلف الأول للدراسة، والذي أصبح بعد حصوله على درجة الدكتوراه في مركز سينكنبرج لأبحاث التنوع البيولوجي والمناخ، باحثًا في معهد التطور والتنوع البيولوجي بجامعة مونستر: «إن تحليل الجينوم الخاص بها هو أول تسلسل كامل للمادة الوراثية لذبابة الثعبان. وهذا يعني أن أحد الجينومات المرجعية القليلة لمجموعة نيوروبتيريدا متاح الآن. مع 669 مليون زوج أساسي، لدينا مجموعة بيانات ضخمة سنستخدمها لفهم التكيفات الجينية التي مكنت هذه الحفريات الحية من البقاء على قيد الحياة بعد تأثير الكويكب».

حلل العلماء بيانات هذه الحشرة في مركز المختبر التابع لمركز هيسيان لويفي لجينوميات التنوع البيولوجي الانتقالي، والذي يقع مقره في جمعية سينكينبرج لأبحاث الطبيعة في فرانكفورت.

يقول البروفيسور الدكتور أولريكه أسبوك، عالم الحشرات في جامعة فيينا ومتحف التاريخ الطبيعي في فيينا والخبير في ذباب الثعابين: «تسمح النتائج بإجراء مزيد من الأبحاث حول التحليل التطوري لذبابة الأفعى في ظل ظروف محسنة بشكل كبير».

يوضح أسبوك: «أظهرت هذه الحشرات أيضًا أنه ربما لا يزال هناك تبادل جيني بين أنواع مختلفة من ذباب الأفعى بعد اصطدام الكويكب لأن جينومات الأنواع الفردية لم تُفرَز بشكل كامل وفقًا لعلاقتها الفعلية. نتائجنا هي خطوة كبيرة إلى الأمام في دراسة ذبابة الأفعى، لكنها تظهر أيضًا أنه لا يزال أمامنا الكثير من الأبحاث قبل أن نفهم حقًا أصل هذه المجموعة القديمة من الحشرات».

تقضي ذبابة الثعبان معظم حياتها، عادة عامين أو أكثر، على شكل يرقات. خلال هذا الوقت، تتغذى بشكل رئيسي على بيض ويرقات الحشرات الأخرى، بما في ذلك الآفات الحشرية مثل عث التفاح وخنافس اللحاء.

عندما تفقس أخيرًا في أوائل الصيف، تكون الحشرات الصغيرة الأخرى ذات البشرة الناعمة، وخاصة حشرات المن والحشرات القشرية، موجودة أيضًا في قائمتها. وهم أنفسهم يتعرضون للافتراس من قبل الطيور مثل نقار الخشب والعناكب وغيرها من الحيوانات آكلة الحشرات.

بينما تضع الثعابين بيضها في لحاء الأشجار وفي الأخشاب الميتة، تتواجد الحشرات النهارية البالغة بشكل رئيسي في تيجان الأشجار، خاصة في الغابات المختلطة المتفرقة والبساتين. نظرًا لأنها تميل إلى الطنين والرفرفة على الرغم من أجنحتها المتطورة، لكنها عادةً ما تظل وفية لموقعها.

اختيرت الذبابة الأفعى ذات العنق الأسود كأفضل حشرة لعام 2022، ومن ثم مُنحت دور سفيرة عالم الحشرات في ألمانيا والنمسا وسويسرا. وكان الراعي لذلك وقتها ليونور جيفيسلر، وزير البيئة الاتحادي في النمسا.

بدأ اختيار ما يُعرف بـ «حشرة العام» منذ عام 1999. وجاءت الفكرة من البروفيسور الدكتور هولجر داته، الذي كان آنذاك مدير معهد سينكنبرج الألماني للحشرات في مونشبيرج. في كل عام، تختار لجنة مكونة من علماء الحشرات المشهورين وممثلي الجمعيات والمؤسسات العلمية نوع من الحشرات المقترحة المختلفة. اختار العلماء خنفساء المينوتور (Typhaeus typhoeus)، وهي من الأنواع المحمية، كـ «حشرة العام 2024».

ترجمة: ولاء سليمان
المصدر: phys.org

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *