كيف تطورت الرئتان؟

ارتبط الحديث عن أمراض كالسعال، الربو، توسع القصبات، التليف الرئوي دائما بالتدخين و التلوث.. إلا أن موضوعنا الآن لن يكون حول واحدة من هذه المسببات. لا يخفى على أحد ان التطور لم يقدم نتائج مثالية فخلف نقائص، منها المجاورة بين الجهازين التنفسي و الهضمي بل و حتى الإشتراك في القنوات الأولى، نقصد الفم و البلعوم، الشيء الذي يؤدي أحيانا إلى مرور لاإرادي لمحتوى المعدة أو الفم نحو الرئتين، و خاصة عند الإختلال الوظيفي المزمن للردود الانعكاسية الواقية للغلصمة Epiglottis. النتيجة هي الأمراض المذكورة.

هذا الترتيب التشريحي لا يفسر إلا إذا أخذنا بعين الإعتبار تطور الرئتين كملحق للجهاز الهضمي.

ظهرت أولى الأعضاء التنفسية مع الكائنات المتعددة الخلايا، بعد أن كانت مقتصرة على تبادل بسيط للغازات مع المحيط عبر الغشاء الخلوي لأحاديات الخلايا. من المحتمل أن تكون الخياشيم هي أول جهاز تنفسي متطور، لازلنا نرى اليوم أثارها لدى الجنين البشري و أحيانا لدى البالغ في شكل حالة مرضية، الأكياس الخيشومية branchial cleft cysts.

تطور الرئتين كإنغلافات على مستوى أعلى الجهاز الهضمي يمكن فهمه عندما نلاحظ ابتلاع بعض أنواع الأسماك للهواء للاستمرار بالتنفس عند خروجها من الماء مما يمكنها من مطاردة فريستها. في المقابل، فإن خياشيمها ستنغلق عند تعرضها للهواء مما يجعل التنفس عن طريقها مستحيلا.

وفر تطور الرئة إذن آلية احتياطية للتبادل الغازي، إلا انها اتخذت من ثمة مصيرا مختلفا لدى معظم الأسماك بتحولها إلى مثانة سباحة مكنتها من الطفو العمودي بتوازن في الماء.

يمكن الاستدلال بهرمون الغدة الدريقية PTHrP كمثال تطوري، يصنع هذا البروتين في مثانة السباحة لدى السمكة كإجابة لوجود الجاذبية (على العكس اذا نقصت حدتها)، كما الحال في الرئتين أثناء تعرض خلايا معينة للتمدد، يُفرز البروتين، ثم يخضع فاعل السطح الرئوي Surfactant و الشعيرات الدموية لأمره بتهوئة الرئتين و اشباع الدم بالأكسيجين أكثر.

ارتباط الرئتين التطوري و الجنيني بالجهاز الهضمي أدى إلى إشكال، فعلى عكس الخياشيم المتموقعة بالتسلسل مع القلب و الأنسجة، كان تموقع الرئة البدائية موازيا، مما أدى إلى اختلاط الدم المؤكسد بها و الخارج منها بالدم الفقير من الأكسجين القادم من الأعضاء الأخرى.

فعالية الرئتين و إشباع الدم بالأكسجين لم يعد إلا مع تطور قلب ذي أربع غرف و الذي نجده اليوم لدى الثدييات و الطيور.

مصدر 1
مصدر 2

One Comment

Leave a Reply

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *