فائدة التكرارية في الأنظمة البيولوجية.
عندما ننظر إلى علم الأحياء من منظور هندسي، غالبًا ما تكون الرؤية فوضوية. على سبيل المثال، يعتبر التكرار سمة مشتركة للأنظمة البيولوجية، حيث تطابق وظيفة أحد المكونات البيولوجية وظيفة مكون بيولوجي آخر.
بحثت دراسة نُشرت مؤخرًا في مجلة eLife، فيما إذا كانت بعض أنواع التكرار البيولوجي يمكن أن تكون مفيدة بالفعل – على الرغم من عدم الكفاءة الواضحة.
الترجمة: عملية بيولوجية بدرجة عالية من التكرارية
الترجمة عملية مكلفة من حيث الطاقة إذ تقوم الخلايا من خلالها بتحويل المعلومات الجينية إلى بروتينات. يتم تنفيذ عملية فك التشفير بواسطة الريبوزومات ونقل الحمض النووي الريبي (رنا مرسال، tRNA). يتم تشفير هذه الجزيئات البيولوجية المهمة في المعلومات الجينية للخلية، غالبًا بواسطة عدة (وأحيانًا المئات) من نسخ الجينات المتطابقة.
على سبيل المثال، السلالة البكتيرية المختبرية شائعة الاستخدام الإشريكية القولونية K-12 MG1655 تحتوي على سبع نسخ من جينات RNA الريبوزومي وما يصل إلى ست نسخ من كل جين tRNA. قد نرى هذا التكرار الظاهري في البداية أمرًا مفاجئًا. لماذا ندفع تكلفة الاحتفاظ بنسخ جينية عديدة لكنها متطابقة؟
تقترح إحدى الفرضيات أن المزيد من نسخ الجينات قد تسمح بإنتاج أكثر أو أسرع للريبوزومات و tRNAs، مما يؤدي إلى نمو وانقسام أسرع في الظروف الداعمة. لاختبار هذه الفرضية، تعاونت مجموعة ديبا أغاشي في المركز الوطني للعلوم البيولوجية (الهند) مع مجموعة ديناميكيات التطور الميكروبي في معهد ماكس بلانك للبيولوجيا التطورية (بقيادة جينا غالي).
يمكن التلاعب بمستويات التكرار الترجمية في الإشريكية القولونية في المختبر
تمت إزالة العديد من النسخ الجينية الزائدة عن الحاجة من الرنا الريبوزومي و/أو الحمض النووي الريبي من جينوم الإشريكية القولونية K-12 MG1655وكانت النتيجة مجموعة من السلالات المشتقة بدرجة أقل من التكرار الترجمي مقارنة بالسلالة الأصلية. تم استخدام الاختبارات البيولوجية لإثبات أن حذف الجينات يؤدي إما إلى انخفاض في تعبير الحمض النووي الريبي الناضج (عبر YAMAT-seq) و/أو تباطؤ الترجمة (عبر فحوصات مُخبِر بيتا- غالاكتوزيداز).
تظهر هذه النتائج أنه (1) يمكن تقليل التكرار الجيني للمكونات الترجمية للإشريكية القولونية، و (2) تنعكس التخفيضات الوراثية في آلية الترجمة الناضجة.
المزيد من نسخ الجينات مفيدة في ظل زيادة الطلب الترجمي
أُخذت قياسات النمو لجميع السلالات عبر بيئات مختلفة تراوحت من بيئات فقيرة بالمغذيات لأخرى غنية بها. بشكل عام، نمت السلالات منخفضة التكرارية بشكل أسرع من السلالة الأصلية عندما كانت العناصر الغذائية نادرة، ولكنها كانت أبطأ من السلالة الأصلية عندما كانت العناصر الغذائية متاحة بوفرة. تتوافق هذه النتائج مع الفرضية الأولية: التكرارية الجينية تشكل عائقًا عندما تكون الترجمة بطيئة، ويزول هذا العائق في ظل ظروف تدعم الترجمة والنمو بشكل أسرع.
أظهرت هذه الدراسة أن حمل نسخ جينية متعددة من rRNA/tRNA (الرنا الريبي الناقل/الرنا الريبي المرسال) يمكن أن يكون مفيدًا في ظل الظروف التي تدعم الترجمة والنمو الأسرع. على نطاق أوسع، تسلط النتائج الضوء على أن التكرارية (الظاهرة) يمكن أن تلعب دورًا مفيدًا في النظم البيولوجية المعقدة، لا سيما في ظل الظروف البيئية المتغيرة.
ترجمة: حاتم زيداني
المصدر: phys.org