سرطانات البحر ليست الأشياء الوحيدة التي يستمر التطور في تقديمها إلينا.

اعتقد تشارلز داروين أن التطور خلق «أكثر الأشكال لا متناهية الجمال». إنه شعور جميل لكنه لا يفسر سبب استمرار التطور في صنع السرطانات.

لطالما تساءل العلماء عما إذا كانت هناك حدود لما يمكن أن يفعله التطور أو إذا كان لدى داروين الفكرة الصحيحة. قد تكمن الحقيقة في مكان ما بين الاثنين.

بينما لا يبدو أن هناك حدًا أقصى لعدد الأنواع التي قد تتطور، لكن يوجد قيود على عدد الأشكال الأساسية التي يمكن أن تتطور إليها تلك الأنواع. قد يكون تطور المخلوقات الشبيهة بالسرطان أحد أفضل الأمثلة على ذلك؛ لأنها تطورت ليس مرة واحدة فقط ولكن خمس مرات على الأقل.

تنتمي السرطانات إلى مجموعة من القشريات تسمى عشريات الأرجل، وتعني حرفيًا «عشرة أقدام»، لأن لديها خمسة أزواج من الأرجل التي تستخدمها للمشي.

بعض عشريات الأرجل، مثل الكركند والروبيان، لها بطن سميك عضلي، وهو الجزء الأكبر من الحيوان الذي نتناوله. بنقرة سريعة من الكركند في البطن يمكن أن ينطلق للخلف ويهرب من الحيوانات المفترسة.

على النقيض من ذلك، تملك السرطانات بطن مضغوطة، مطوية بعيدًا تحت صدر وصدفة مسطحتين. يسمح لهم ذلك بالانتقال إلى شقوق الصخور للحماية. لقد تطوروا بهذه الطريقة مرارًا وتكرارًا لأنهم يستفيدون من ذلك في ظل ظروف بيئتهم.

خمس مجموعات من السرطانات

أكبر مجموعة من السرطانات هي براكي يوريا (السرطانات الحقيقية) بما في ذلك السلطعون الصالح للأكل وسرطان البحر الأطلسي الأزرق. كان لديهم سلف على شكل سرطان البحر أيضًا. تطورت بعض الأنواع «إلى الوراء» وأصبحت بطونها مستقيمة مرة أخرى. المجموعة الكبيرة الأخرى هي أنومورا (السرطانات الزائفة)، مع سلف يشبه إلى حد كبير سرطان البحر.

ومع ذلك، تطورت أربع مجموعات على الأقل من الانومورا هي سرطان البحر الإسفنجي، وسرطان البحر البورسليني، وسرطان البحر الملكي، وسرطان البحر الأسترالي المشعر بشكل مستقل إلى شكل يشبه سرطان البحر. بشكل مشابه للسرطانات الحقيقية، يمتلكون أجسام مدمجة أكثر دفاعية، ويتحركون حركة جانبية بشكل أسرع.

يعني ذلك أن «السرطانات» ليست مجموعة بيولوجية حقيقية. إنها مجموعة من الفروع في شجرة عشريات الأرجل التي تطورت لتبدو متشابهة.

لكن السرطانات ليست استثناء.

حدث شيء مشابه في تطور الطيور من الديناصورات ذات الريش. قد يكون الريش تطور في البداية ليكون عازلًا، وليجذب الشركاء، ويحمي البيض، وربما أيضًا ليكون بمثابة «شباك» لصيد الفرائس. بعد ملايين السنين، امتد الريش وأصبح انسيابيًا ومناسبًا للطيران.

يختلف علماء الحفريات حول التفاصيل، لكن تطورت جميع الطيور الحديثة (Neoaves) من أسلاف تعيش في الأرض بعد الانقراض الجماعي الذي قضى على الديناصورات الأخرى.

ومع ذلك، تطورت الأجنحة المصقولة بالريش المناسبة للطيران أيضًا في وقت سابق في مجموعات أخرى من الديناصورات، بما في ذلك الترودونتيدات والدرومايوصورات. يمتلك بعضها مثل الميكرورابتور أربعة أجنحة.

إعادة تشغيل شريط الحياة

لسوء الحظ، لا يمكننا إجراء تجارب تطورية لمعرفة ما إذا كانت نفس الأشياء تستمر في الحدوث؛ لأن ذلك سيستغرق مئات الملايين من السنين.

لكن تاريخ الحياة قد فعل شيئًا مشابهًا لذلك بالنسبة لنا، عندما تتطور السلالات وثيقة الصلة وتتنوع في قارات مختلفة. في كثير من الحالات، توصلت سلالات الأجداد هذه مرارًا وتكرارًا إلى حلول متطابقة أو متشابهة تقريبًا للمشكلات.

أحد أفضل الأمثلة هو مجموعتنا، الثدييات.

يوجد مجموعتان رئيسيتان من الثدييات الحية. المشيميات (بما في ذلك نحن) والشقبانيات (الثدييات التي تملك شقبانات وتلد أطفالًا صغيرة). تطورت كلتا المجموعتين من نفس السلف المشترك منذ أكثر من 100 مليون سنة. الشقبانيات بشكل أساسي في أستراليا والأمريكتين والمشيميات في أماكن أخرى.

أدت هذه العزلة إلى عمليتين مستقلتين تقريبًا من «التجربة» لمعرفة ما يمكن فعله مع مخطط جسم الثدييات. هناك نسخ شقبانية ومشيمية من حيوانات الخُلد والفئران وآكلات النمل والبتروسيات والقطط. حتى أنه كان هناك ذئب شقباني (النمور التسمانية التي انقرضت عام 1936)، تتطابق جمجمته وأسنانه مع ذئب مشيمي بتفاصيل مذهلة.

لا تتطور أشكال الجسم بشكل مستقل فحسب، بل تتطور أيضًا الأعضاء والبنى الأخرى. لدى البشر عيون معقدة مع عدسة وقزحية وشبكية. طور الحبار والأخطبوطات، وهي رخويات وترتبط ارتباطًا وثيقًا بالقواقع والمحار أيضًا عيون بنفس المكونات.

قد تكون العيون بشكل عام تطورت بشكل مستقل حتى 40 مرة في مجموعات مختلفة من الحيوانات. حتى قناديل البحر الصندوقية، التي لا تمتلك أدمغة، تمتلك عيون مع عدسات في قواعد مخالبها الأربعة.

كلما نظرنا أكثر، وجدنا أكثر. تستمر الهياكل مثل الفكين والأسنان والأذنين والزعانف والساقين والأجنحة في التطور بشكل مستقل عبر شجرة الحياة الحيوانية.

في الآونة الأخيرة، اكتشف العلماء أن التقارب يحدث أيضًا على المستوى الجزيئي. جزيئات الأوبسين الموجودة في العين والتي تحول فوتونات الضوء إلى طاقة كيميائية وتمكن البشر من الرؤية تشبه الجزيئات الموجودة عند قنديل البحر الصندوقي، وتطورت بهذه الطريقة بالتوازي.

والأكثر غرابة من ذلك، أن الحيوانات المختلفة مثل الحيتان والخفافيش لديها تقارب مذهل في الجينات التي تمكنها من تحديد الموقع بالصدى.

هل البشر فريدون حقًا؟

العديد من الأشياء التي نحب أن نعتقد أنها تجعل البشر مميزين طورها التطور في مكان آخر عند أحياء أخرى. تمتلك حيوانات الكورفيد مثل الغربان ذكاءً في حل المشكلات ويمكنها، جنبًا إلى جنب مع البوم، استخدام أدوات بسيطة.

تمتلك الحيتان والدلافين بنى اجتماعية معقدة، وقد سمحت لهم أدمغتهم الكبيرة بتطوير اللغة. تستخدم الدلافين أدوات مثل الإسفنج لتغطية أنوفها بينما تتغذى عبر قيعان البحر الصخرية. تستخدم الأخطبوطات أيضًا الأدوات وتتعلم من مشاهدة ما يحدث للأخطبوطات الأخرى.

إذا استمرت الأشياء في التطور بطرق مماثلة هنا على الأرض، فهناك احتمال أنها قد تتبع أيضًا مسارًا مشابهًا إذا تطورت الحياة في مكان آخر في الكون. قد يعني ذلك أن الكائنات خارج الأرض تبدو أقل غرابة وأكثر دراية مما نتوقع.

ترجمة: ولاء سليمان

المصدر: sciencealert

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *