قد يكون هذا الحيوان مثالًا غريبًا على اللافقاريات القديمة المعروفة باسم ثلاثيات الفصوص استخدم الهيكل المميز الذي يشبه رمح ثلاثي الشعب على رأسه من أجل «المبارزة» لانتزاع حقه بالتزاوج مع الإناث، وتقليب المنافسين على قاع البحر وشل حركتهم.
توصل باحثون من جامعة بلومسبيرغ في بنسلفانيا في الولايات المتحدة ومتحف التاريخ الطبيعي في المملكة المتحدة إلى استنتاج مفاده أن أداة الرأس هذه ذات غرض جنسي وليس لها غرضًا حاسمًا في الحياة بعد العثور على حفرية بالغة ذات رمح مشوه.
المفصليات البحرية المعنية هي نوع من الواليسيبورس Walliserops، وهي مفصليات بحرية عاشت في قاع المحيط منذ أكثر من 400 مليون سنة. طور العديد من حيوانات هذا النوع المسامير والنتوءات بهدف الحماية ، ولكن في هذا الجنس كانت الميزة البارزة هي شوكة مسطحة وثلاثية الفصوص بارزة من الأمام.
في حال استخدامه بالفعل لتحدي المنافسين، فقد تكون هذه الميزة التشريحية الغريبة رقمًا قياسيًا جديدًا لأقرب دليل على القتال الجنسي في مملكة الحيوانات.
يقول عالم الأحافير ريتشارد فورتي، من متحف التاريخ الطبيعي في المملكة المتحدة: «حملت ثلاثية الفصوص الديفونية الاستثنائية رأسًا ذو رمح ثلاثي الفصوص عملاقًا فريدًا من نوعه، وكان الغرض منه لغزًا منذ فترة طويلة. نعتقد الآن أنه استخدم للمبارزة بين الذكور الذين يسعون إلى الهيمنة».
«تطور المنافسة ذات الدوافع الجنسية بين الحيوانات أقدم بمئات الملايين من السنين مما كنا نظن».
تستند الفرضية الجديدة إلى حفرية محفوظة بشكل مذهل للواليسيبورس تريفوركاتوس Walliserops trifurcatus معروضة في متحف هيوستن للتاريخ الطبيعي: عينة مشوهة تمتلك رمحًا بأربع شوكات بدلاً من الثلاثة المعتادة.
سيجعل الشكل المعدل الناتج عن السن الرابع الحيوان غير متوازن وأقل فاعلية في أداء وظيفته. فلو كانت وظيفته دفاعية والرمح المشوه موجودًا منذ ولادته لكان بقاءه على قيد الحياة ليوم إضافي ضربًا من الحظ.
يُظهر بقاء هذا المخلوق حتى مرحلة البلوغ أن الرمح ثلاثي الشعب لم يساهم في مهمة أساسية، مثل استشعار مصادر الطعام أو الدفاع ضد الهجوم، والتي اقترحها العلماء سابقًا كاحتمالات لوظيفتها.
عند مقارنة رماح الواليسيبورس، وجد الفريق أقرب مثال حديث لأداة قتال جنسية في خنافس وحيد القرن: يستخدمون أيضًا أدوات على رؤوسهم للمبارزة مع منافسين جنسيين.
يزعم الباحثون أن «الرمح ثلاثي الشعب للواليسيبورس يتناسب بشكل أفضل مع شكل الأداة التي تُستخدم للتجريف، إذ تكون ذات امتداد طويل، وواسع الرأس يميل للخارج عند طرفه».
يوجد العديد من الأمثلة على الانتقاء الجنسي في الطبيعة، من ريش الطاووس ذي الألوان الزاهية إلى قرون الغزلان. يبدو أن الرمح ثلاثي الشعب كان أيضًا مفتاحًا في عملية التزاوج عند الواليسيبورس.
من غير الواضح حتى الآن ما إذا كانت هذه اللافقاريات مثنوية الشكل، مع اختلاف في المظهر بين الذكور والإناث. حتى الآن، لم يحدد العلماء أي أنثى من الواليسيبورس بشكل قاطع، فقد يكونوا امتلكوا بالفعل رمحًا أصغر، أو لم يكن لديهن أي شيء على الإطلاق.
بالطبع من الصعب إصدار أحكام قاطعة على الحيوانات المنقرضة، لأننا لا نمتلك سوى بقاياها المتحجرة لنستنتج من خلالها. ومع ذلك، قد تكون الأدلة المقدمة في هذه الدراسة حل للغز رمح الواليسيبورس.
كتب الباحثون: «يقدم الواليسيبورس أول مثال في السجل الأحفوري للسلوك القتالي، ومن المحتمل جدًا وجود طقس في المنافسة على الشركاء».
«على الرغم من صعوبة إثبات عادات الحياة الأحفورية، لكن يشير استقراء علم التشكل، وعلم المسخ، وبيانات القياسات الحيوية إلى نفس التفسير، مما يجعلها واحدة من أقوى الأمثلة على التكهنات البيئية القديمة».
نشر البحث في مجلة PNAS.
ترجمة: ولاء سليمان
المصدر: sciencealert