اكتشف العلماء مؤخرًا أول ديناصور وحشي الأرجل غير طائر بجسد انسيابي شبيه بالبطريق والأوك وبعض الطيور الغطاسة الأخرى.
اكتشف العلماء مؤخرًا ديناصورًا برقبة متموجة كالمعكرونة وجسد انسيابي كالطيور الغطاسة الحديثة، والذي على الأغلب قد جاب أعماق البحار في العصر الطباشيري منذ ٧١-٧٢ مليون عام فيما يعرف حاليًا باسم منغوليا. ينتمي هذا المفترس لسلالة من وحشيات الأرجل – ديناصورات لاحمة في الغالب وثنائية الأقدام – تختلف عن تلك التي أفضت للطيور الحديثة، لكن شكل جسده وأطرافه تَشي بقدرته على السباحة والغطس كما تفعل البطاريق.
كان الهيكل العظمي بحالة جيدة واستثنائية بجمجمة مكتملة تقريبًا. استُخرج من تكوين بارون غويوت الجيولوجي، وهو موقع في الجزء الجنوبي من صحراء منغوليا، غوبي، التي تعود تاريخيًا للعصر الجوراسي (منذ ١٤٥ مليون إلى ٦٦ مليون سنة). يبلغ حجمه فيما لو كان حيًا حجم البط البري تقريبًا وأشار العلماء إلى أن رقبته الإوزّية وأطرافه الشبيهة بالزعانف ونسب أصابعه تماثل تلك الخاصة بجِنس وحشي الأرجل المنغولي الهالزكارابتور والذي يُعتقد أنه حيوان مائي.
إلا أن الأدلة الأحفورية الخاصة بالهالزكاربتور وأقرب أقربائه غير كافية لتخبرنا كيف كانت هيئة أجسامها.
وفقًا لدراسة نُشرت في ديسمبر ١ في مجلة Communications Biology، فإن الأحفورة المكتشفة حديثًا مكتملة أكثر من كافة أحافير هالزكارابتور المعروفة مسبقًا؛ الهيكل العظمي «متمفصل» بالغالب مع الأضلاع الموجهة نحو الذيل، تمامًا كما هو الحال لدى الطيور المائية الغطاسة.
هذه التكيفات جنبًا إلى جنب مع أسنان كانت «كثيرة بشكل غير اعتيادي» و«محشورة بإحكام» في الفك قد جعلت من هذا الديناصور الغطاس مفترسًا مائيًا مهيبًا، ويقترح عدد وشكل أسنانه أنه اعتاد اصطياد الأسماك أو الحشرات، وفقًا للدراسة. أطلق الباحثون على الجِنس والنوع المكتشف حديثًا اسم Natovenator polydontus؛ اسم الجنس مشتق من الكلمتين اللاتينيتين للسباحة «nato» والصياد «ventor» بينما يعني اسم النوع «أسنان عديدة» باللغة اليونانية.
يقول المؤلف المشارك يونغ نام لي «إن المنخرين الطويلين وتوجه الأضلاع الأمامية مُشاهدة فقط لدى الناتوفينتور لأن هذه الأجزاء لم تُحفظ جيدًا في الهالزكارابتور». نام لي أستاذ في علم الإحاثة متخصص بالفقاريات في كلية علوم الأرض والبيئة في جامعة سيول الوطنية في كوريا الجنوبية.
يقول لي ضمن بريد إلكتروني لموقع live science «لم يستطع ن. بوليدونتوس على الأرجح التحليق في الهواء بأطرافه القصيرة المسطحة، لكنه ربما كان قد استخدمها للتجديف عبر المياه. إلا أن أضلاعه كانت من أكثر الأدلة إقناعًا حول سلوكه المائي، بالأخص جهة ميلانها. تمتد الأضلع الظهرية لدى وحشيات الأرجل البرية من العمود الفقري بخط قوسي أفقي غالبًا، بينما تنعطف أضلاع ن. بوليدونتوس خلفًا نحو الذيل. إن هذا التوجه الخلفي للأضلاع يقلل من ارتفاع القفص الصدري ويعتبر سمة أساسية لدى الطيور الغطاسة. يضيف لي «هذا يقترح أنه كان للناتوفينتور بوليدونتوس جسد انسيابي مفيد بتقليل مقاومة الماء ويسمح بسباحة فعالة»
كتب العلماء في الدراسة «منذ أن انتقلت أولى الفقاريات من المحيطات لتعيش على اليابسة، تكيفت العديد من المجموعات ثانويًا على الحياة المائية». تطورت الحيتان، على سبيل المثال، من ثدييات أرضية رباعية الأرجل قبل أن تتكيف على العيش في المحيطات بشكل حصري.
ضمن صفوف الديناصورات، تعتبر الطيور وبعض أسلافها المنقرضة الوحيدة التي طوّرت أنماط حياة مائية أو شبه مائية. (ديناوصر شراعي الظهر يدعى سبينوصور عُرف لفترة قصيرة بكونه «ديناصور سبّاح» بيد أن هذا الادعاء مثار جدل بين علماء الإحاثة، واقترحت دراسة عام ٢٠٢١ في صحيفة Palaeontologia Electronica أن السبينوصور كانت مهارته بالسباحة متوسطة بأفضل حالاته).
بيد أن أعماق المحيطات كانت بمثابة ديار ن. بوليدونتوس.
يقول لي: «يعتبر ناتوفينتور اكتشاف قيّم يذكرنا بحجم تنوع المكانة البيئية للديناصورات. إن العثور على ديناصورات شبه مائية دليل على التنوع البيئي للديناصورات ومن شأنه أن يغير حكمنا المسبق على نمط حياتها. في نهاية المطاف، ٣٠ سلالة مختلفة من ذوات الأربع قد اجتاحت الأنظمة البيئية المائية، فما الذي منع الديناصورات من فعل الشيء ذاته؟
ترجمة: حاتم زيداني
المصدر: livescience