قد تكون منتفخة أو متطاولة أو مدببة، لكن لماذا تبدو الأنوف مختلفة تمامًا عن بعضها البعض؟ توصلت دراسة جديدة إلى أن الأمر قد يكون له علاقة بكيفية تطور البشر ليعيشوا في مناخات معينة.
في الدراسة، وجد الباحثون أن الأنوف العريضة تنتشر بشكل أكثر شيوعًا بين الأشخاص الذين يعيشون في مناخات دافئة ورطبة، والأنوف الضيقة أكثر شيوعًا بين الأشخاص في المناخات الباردة والجافة.
أحد التفسيرات المحتملة لسبب اختلاف أشكال الأنف في جميع أنحاء العالم هو الانجراف الجيني، وهو آلية تطور ينجرف من خلالها تواتر جينات معينة إلى الأعلى أو إلى الأسفل بشكل عشوائي، مما يؤدي إلى اختلافات قابلة للقياس بين المجموعات السكانية التي لا تختلط في كثير من الأحيان. قالت الدراسة التي نُشرت في 16 مارس في مجلة PLOS Genetics، إن الانجراف الجيني لعب دورًا رئيسيًا في التطور البشري.
لكن بالنسبة لتطور بعض السمات البشرية، من المحتمل أن تكون هناك آلية أخرى هي الانتقاء الطبيعي لعبت أيضًا دورًا مهمًا. بعبارة أخرى، لم يحدث تطور بعض السمات فقط بسبب الانجراف العشوائي للجينات، ولكن أيضًا استجابةً لعوامل خارجية. فبحسب مؤلفي الدراسة يُعتقد أن لون بشرة الإنسان قد تطور في مجموعات بشرية مختلفة استجابة لكميات الأشعة فوق البنفسجية التي تعرضوا لها.
لمعرفة الآلية التي من المحتمل أن تؤثر على شكل الأنف، استخدم الباحثون التصوير ثلاثي الأبعاد للوجه لقياس أنوف أكثر من 2600 مشارك من غرب إفريقيا وجنوب آسيا وشرق آسيا وشمال أوروبا. فحص الباحثون الأنف، وقاسوا عرض فتحة الأنف، والمسافة بين فتحتي الأنف، وارتفاعه، وطول حافته، وبروز الأنف ومنطقة فتحة الأنف. بالإضافة إلى ذلك، قدر الباحثون أصل كل مشارك باستخدام الاختبارات الجينية.
وجد الباحثون ارتباط اثنين من قياسات الأنف، هما عرض فتحة الأنف وعرض الأنف عند قاعدته بالمناخ. وقالت الدراسة إن الأشخاص ذوي الأنوف الأعرض كانوا أكثر عرضة للعيش في المناخات الحارة والرطبة، والأشخاص الذين لديهم فتحات أنف أضيق كانوا أكثر عرضة للعيش في المناخات الباردة والجافة.
لماذا الشكل مهم؟
الغرض من الأنف يتجاوز الشم والتنفس. فهو يساعد في تدفئة وترطيب الهواء قبل أن يصل إلى الرئتين. تعد مستويات الحرارة والرطوبة المناسبة مهمة في كامل الجهاز التنفسي؛ لأنها تساعد الخلايا الدقيقة الشبيهة بالشعر التي تبطن الجهاز التنفسي على إبعاد الجراثيم والمواد المسببة للحساسية.
الأنف مهم جدًا لتنظيم درجة حرارة الهواء ومستويات الرطوبة، فهو يوصل الهواء إلى 90% من درجة الحرارة المثالية ومستوى الرطوبة عند مؤخرة الحلق.
لا يحتاج الهواء الساخن والرطب إلى التغيير كثيرًا لأنه يتدفق عبر فتحات الأنف. من ناحية أخرى، يحتاج الهواء البارد والجاف إلى التسخين وإضافة الرطوبة. كتب الباحثون أن الأنوف الضيقة يمكن أن تساعد في تسهيل ذلك؛ لأنها تجعل تدفق الهواء أكثر إعاقة، وتجعله يتلامس بشكل أكبر مع المخاط الدافئ الرطب في الأنف. قال مارك شرايفر، أستاذ الأنثروبولوجيا في جامعة ولاية بنسلفانيا، في بيان إنه في الواقع، ربما كان من المفيد أكثر للبشر في المناخات الباردة والجافة أن يكون لديهم أنف أضيق.
وقال شرايفر إن نتائج الدراسة الجديدة تدعم فيما يبدو «قاعدة طومسون»، وهي فكرة طرحها عالم التشريح البريطاني آرثر طومسون في أواخر القرن التاسع عشر. قال طومسون «كان هناك أنوف طويلة ورقيقة في المناطق الجافة والباردة، وأنوف قصيرة وعريضة في المناطق الحارة والرطبة»، وبحسب شرايفر، فقد اختبر الناس هذه القاعدة عن طريق قياس الجماجم. وأضاف أنه مع ذلك، لم يقس أحد ذلك على الأحياء.
وأشار إلى أن الانتقاء الطبيعي ليس التفسير الوحيد الممكن لاختلافات الأنف. وقالت الدراسة إن التفسير الآخر يمكن أن يكون ازدواج الشكل الجنسي، بمعنى آخر، الاختلافات بين الذكور والإناث. لاحظ الباحثون أن هناك اختلافات بين أنوف الرجال وأنوف النساء في النتائج التي توصلوا إليها، فمثلًا كانت أنوف الرجال أكبر في المتوسط من أنوف النساء.
وقالت الدراسة إنه قد يكون لهذه النتائج آثار طبية أيضًا، خاصة مع تزايد سفر الأشخاص حول العالم. فمثلًا، سأل الباحثون ما إذا كان الشخص الذي يملك أنف ضيق يمكن أن يكون أكثر عرضة للإصابة بمشاكل في الجهاز التنفسي إذا كان يعيش في مناخ حار ورطب.
ويأمل الباحثون في الدراسات المستقبلية دراسة الأشخاص الذين يعيشون على ارتفاعات عالية، مثل الأشخاص في جبال الأنديز والتبت وإثيوبيا، لمعرفة ما إذا كانت مستويات الأكسجين في الغلاف الجوي المنخفضة تلعب أيضًا دورًا في شكل الأنف.
ترجمة ولاء سليمان
المصدر: livescience