كيف تتشكل الأنواع: ما يخبرنا به التاريخ المتشابك لعلاقات الدب القطبي والدب البني

ملخص: تقدم دراسة جديدة نظرة محسّنة على التاريخ التطوري المتشابك للدببة القطبية والدببة البنية. لم يمنع التحول إلى أنواع منفصلة تمامًا هذه الحيوانات من التزاوج مع بعضها البعض. وصل العلماء إلى هذه المعلومات مسبقًا، لكن يعتمد البحث الجديد على مجموعة بيانات موسعة، بما في ذلك الحمض النووي من أحد أسنان الدب القطبي القديمة، بهدف الحصول على المزيد من التفاصيل.

تقدم دراسة جديدة نظرة محسّنة على التاريخ التطوري المتشابك للدببة القطبية والدببة البنية.

لم يمنع التحول إلى أنواع منفصلة تمامًا هذه الحيوانات من التزاوج مع بعضها البعض. هذه المعلومات معروفة من قبل العلماء مسبقًا، لكن يعتمد هذا البحث الجديد على مجموعة بيانات موسعة، بما في ذلك الحمض النووي من أحد أسنان الدب القطبي القديمة، بهدف الحصول على المزيد من التفاصيل.

تكشف المعلومات التي تظهر عن تعقيدات مشابهة لتلك التي تعقّد تاريخ التطور البشري.

تقول شارلوت ليندكفيست الأستاذة الحاصلة على الدكتوراه في العلوم البيولوجية في جامعة بافالو، كلية الآداب والعلوم، والخبيرة في علم وراثة الدببة: «قد يكون تكوين الأنواع والحفاظ عليها عملية فوضوية». «ما حدث مع الدببة القطبية والدببة البنية هو تناظر أنيق لما نتعلمه عن التطور البشري: فقد يكون تقسيم الأنواع غير مكتمل. خاصة بعد حصولنا على المزيد والمزيد من الجينومات القديمة من المجموعات البشرية القديمة، بما في ذلك إنسان نياندرتال ودينيسوفان، وإننا نعتقد بأنه كان هناك اختلاط جيني متعدد الاتجاهات ناتج عن تزاوج مجموعات مختلفة من البشر القدامى مع أسلاف الإنسان الحديث. والدببة القطبية والدببة البنية نظام آخر يتضمن هذه التعقيدات».

تقول: «وجدنا دليلاً على التزاوج بين الدببة القطبية والدببة البنية التي سبقت الدب القطبي القديم الذي درسناه». «علاوة على ذلك، تُظهر نتائجنا تاريخًا تطوريًا معقدًا ومتشابكًا بين الدببة البنية والدببة القطبية، مع الاتجاه الرئيسي لتدفق الجينات إلى الدببة القطبية من الدببة البنية. يعكس ذلك فرضية اقترحها باحثون آخرون بأن تدفق الجينات كان أحادي الاتجاه والذهاب إلى الدببة البنية حول ذروة العصر الجليدي الأخير».

نُشرت الدراسة في 6 يونيو في وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم. قادها ليندكفيست في جامعة بوفالو في الولايات المتحدة، ولويس هريرا-استريلا في المختبر الوطني لعلم الجينوم للتنوع البيولوجي (LANGEBIO) في المكسيك وجامعة تكساس للتكنولوجيا في الولايات المتحدة، وكالي ليبالا في جامعة أولو في فنلندا. كان تيانينغ لان الحائز على شهادة الدكتوراه والباحث السابق في جامعة بافالو، والذي يعمل الآن في دايسيل أربور بيوسينسز، أول مؤلف مشارك مع ليبالا.

يعد مفهوم الدببة القطبية المتكيفة في القطب الشمالي التي تأخذ المواد الجينية من الدببة البنية، والتي تتكيف مع الحياة في خطوط العرض المنخفضة، أحد النتائج العديدة التي قد تهم العلماء المهتمين بتأثيرات تغير المناخ على الأنواع المهددة بالانقراض.

مع ارتفاع درجة حرارة العالم وانخفاض جليد البحر في القطب الشمالي، قد تصطدم الدببة القطبية والدببة البنية ببعضها البعض بشكل متكرر في الأماكن التي تتداخل فيها نطاقاتها. يقول ليندكفيست إن هذا يجعل تاريخهم التطوري المشترك موضوعًا مثيرًا للاهتمام بشكل خاص للدراسة.

قد يكون تقسيم الأنواع عملية فوضوية

بحسب ليندكفيست، اعتقد العلماء سابقًا أن البشر المعاصرين والنياندرتال ينقسمون ببساطة إلى أنواع منفصلة بعد التطور من سلف مشترك. بعد ذلك، وجد الباحثون الحمض النووي لإنسان نياندرتال في الشعوب الأوروبية الآسيوية الحديثة، مما يعني أن البشر المعاصرين تلقوا تدفقًا من الجينات من إنسان نياندرتال في مرحلة ما من تاريخهم التطوري المشترك.

يضيف ليندكفيست بأنه في وقت لاحق فقط أدرك العلماء أن هذا الاختلاط الجيني أضاف أيضًا إلى مجموعات إنسان نياندرتال جينات بشرية حديثة. بعبارة أخرى، قد يكون التهجين معقدًا، بدلًا من كونه طريقًا باتجاه واحد.

تكشف الدراسة الجديدة عن الدببة عن قصة مشابهة بشكل ملحوظ، إذ يقول الباحثون إن التحليل يجد دليلاً على التهجين في كل من جينومات الدب القطبي والدب البني، إذ تحمل الدببة القطبية على وجه الخصوص دليلًا قويًا على تدفق الحمض النووي من الدببة البنية. يقول ليندكفيست إن الأبحاث السابقة اقترحت النمط العكسي فقط.

بحسب ليبالا: «إنه لأمر مثير كيف يمكن للحمض النووي أن يساعد في الكشف عن تاريخ الحياة القديمة. يصعب تحديد اتجاه تدفق الجينات أكثر من مجرد وجودها، ولكن هذه الأنماط ضرورية لفهم كيفية انتقال التكيفات السابقة بين الأنواع لإعطاء الحيوانات الحديثة سماتها الحالية».

يقول هيريرا إستريلا، الحائز على شهادة الدكتوراه والأستاذ المختص بعلم الجينوم النباتي ومدير معهد الجينوم الخاص بتحمل الإجهاد اللاأحيائي للمحاصيل في قسم تكنولوجيا تكساس لعلوم النبات والتربة، وهو أيضًا أستاذ فخري في المختبر الوطني لعلم الجينوم للتنوع البيولوجي: «يعتبر علم الجينوم السكاني مجموعة أدوات قوية بشكل متزايد لدراسة تطور النبات والحيوان وتأثيرات النشاط البشري وتغير المناخ على الأنواع المهددة بالانقراض». ويتابع: «لا تقدم الدببة قصصًا بسيطة عن الانتواع أكثر مما يقدمه التطور البشري. يشير هذا البحث الجينومي الجديد إلى أن مجموعات أنواع الثدييات يمكن أن تخفي تواريخ تطورية معقدة».

أدلة من جينومات الدببة الحديثة، والحمض النووي من دب سن قديمة

حللت الدراسة جينومات 64 دبًا قطبيًا وبنيًا حديثًا، بما في ذلك العديد من الجينومات الجديدة من ألاسكا، وهي الولاية التي يوجد فيها كلا النوعين.

حصل الفريق أيضًا على جينوم جديد أكثر اكتمالًا لدب قطبي عاش منذ 115 ألف إلى 130 ألف عام في أرخبيل سفالبارد النرويجي. استُخرج الحمض النووي للدب القطبي القديم من سن متصلة بعظم الفك الأحفوري، والذي يوجد الآن في متحف التاريخ الطبيعي في جامعة أوسلو.

استنتج العلماء من دراسة هذه البيانات أن الدببة القطبية والدببة البنية بدأت تصبح من الأنواع المتميزة منذ حوالي 1.3 إلى 1.6 مليون سنة، لتحديث التقييمات السابقة التي أجراها بعض العلماء أنفسهم. يقول ليندكفيست إن عمر الانقسام كان وما يزال موضوعًا للنقاش العلمي، فقد كان التزاوج في الماضي والأدلة الأحفورية المحدودة للدببة القطبية القديمة من بين العوامل التي تجعل من الصعب تحديد التوقيت.

على أي حال، خلصت الدراسة الجديدة إلى أنه بعد أن أصبحت الدببة القطبية نوعًا خاصًا، عانت من انخفاض كبير في عدد السكان واختناق وراثي طويل الأمد، مما ترك هذه الدببة مع تنوع جيني أقل بكثير من الدببة البنية. تؤكد نتائج الأبحاث السابقة التي تشير إلى نفس الاتجاهات، وتضيف أدلة تدعم هذه الفرضية.

تقدم هذه النتائج، إلى جانب تحليل تدفق الجينات رؤى جديدة للتاريخ التطوري الفوضوي والمتشابك للدببة القطبية والدببة البنية.

ضم فريق البحث الدولي علماء من جامعة بافالو والمختبر الوطني لعلم الجينوم للتنوع البيولوجي وجامعة تكساس التقنية وجامعة أولو ومعهد فار نورثويسترن للفنون والعلوم وقسم ألاسكا للأسماك والألعاب ومتحف التاريخ الطبيعي في جامعة أوسلو، وجامعة نانيانغ التكنولوجية، وجامعة هلسنكي وجامعة آرهوس.

مولت المؤسسة الوطنية للأسماك والحياة البرية، ومؤسسة العلوم الوطنية الأمريكية، وإدارة ألاسكا للأسماك والألعاب، وهيئة المساحة الجيولوجية الأمريكية البحث.

 

ترجمة: ولاء سليمان

المصدر: sciencedaily

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *