مع تقدم الأطفال في العمر، يبدأ ضحكهم في أن يبدو أكثر شبهاً بضحك البالغين
توصلت دراسة جديدة إلى أن الأطفال قد يضحكون مثل بعض القرود بعد بضعة أشهر من الولادة قبل الانتقال إلى الضحك مثل البشر البالغين.
يربط الضحك البشر بالقردة العليا، أقربائهم التطوريين. يميل البشر البالغون إلى الضحك أثناء الزفير، لكن الشمبانزي والبونوبو يضحكون بشكل أساسي بطريقتين. أحدهما يشبه اللهاث، إذ يصدر الصوت خلال الزفير والشهيق، والآخر بشكل نوبات تحدث خلال الزفير مثل البشر البالغين.
نملك القليل من المعلومات عن كيفية ضحك الأطفال؛ لذلك بحثت ماريسكا كريت، أخصائية علم النفس الإدراكي في جامعة لايدن في هولندا وزملاؤها على الإنترنت عن مقاطع فيديو لضحك أطفال تتراوح أعمارهم بين 3 و18 شهرًا، وطلبوا من 15 متخصصًا في صوت الكلام ومئات المبتدئين الحكم على ضحكات الأطفال.
بعد تقييم العشرات من المقاطع الصوتية القصيرة، وجد الخبراء وحوالي 100 من غير الخبراء أن الأطفال الصغار يضحكون أثناء الشهيق والزفير، بينما يضحك الأطفال الأكبر سنًا أثناء الزفير فقط. تشير هذه النتيجة إلى أن ضحك الأطفال يصبح أقل شبهًا بضحك القردة مع تقدم العمر.
يبدأ البشر في الضحك في عمر 3 أشهر تقريبًا. يقول كريت: «لم يصل الأمر إلى أقصى إمكاناته». يعتقد الباحثون بإمكانية تأثير المسارات الصوتية خلال نضوج الأطفال وتفاعلاتهم الاجتماعية على تطور الأصوات.
وجدت تجربة ثانية في الدراسة الجديدة باستخدام مقاطع صوتية مختلفة ومجموعة جديدة من 100 مبتدئ أيضًا أن الأطفال الأكبر سنًا يضحكون خلال الزفير بشكل أساسي. وذكر المشاركون في كلتا التجربتين أن الضحكات التي تشبه الضحكات البالغة كانت أكثر إمتاعًا عند سماعها وتكون معدية. يشير هذا الاكتشاف الثاني إلى أن التحول في الضحك مع تقدم الأطفال في العمر قد يحدث جزئيًا نتيجة التأكيدات اللاواعية من والدَي الأطفال، بحسب كريت. يكون الضحك أثناء الزفير أوضح وأعلى من الضحك أثناء الشهيق، مما يرسل إشارة أقوى أثناء التفاعلات.
تقول مارينا دافيلا روس، عالمة النفس المقارن بجامعة بورتسموث في إنجلترا، والتي لم تكن جزءًا من الدراسة الجديدة، إن فكرة أن التفاعلات الاجتماعية تساعد على إعطاء ضحكات الأطفال شكلها تتطابق مع الملاحظات على الضحك عند الشمبانزي. وجدت دافيلا روس أنه قد يكون للضحك أصوات ووظائف اجتماعية مختلفة إلى حد ما بين الشمبانزي في مجموعات اجتماعية مختلفة. وتضيف أن البشر والشمبانزي على حدٍ سواء يضبطون ضحكاتهم بناءً على ملاحظات أقرانهم.
ضحكات الأطفال
تقترح دراسة جديدة تطور ضحكات الأطفال بمرور الوقت، من ضحك قصير المدة لطفل يبلغ من العمر 4 أشهر والذي يحدث أثناء الشهيق والزفير (المقطع الأول: ) إلى قهقهات طفل يبلغ من العمر 18 شهرًا تذيب القلب، والتي تحدث غالبًا أثناء الزفير (المقطع الثاني).
المقطع الأول:
المقطع الثاني:
بحسب د.كيمبرا أولر، عالم الأحياء النظرية في جامعة ممفيس في ولاية تينيسي والذي لم يشارك في البحث، فإن عدد المقاطع الصوتية التي حللتها الدراسة الجديدة صغير، مما يجعل من الصعب تمييز الاتجاهات. استمع المستمعون في تجارب الدراسة معًا إلى 108 مقاطع لرضع يضحكون، واستمر كل مقطع من أربع إلى سبع ثوانٍ.
يقول أولر إنه بينما يعتقد الناس أن الأطفال يضحكون كثيرًا، فإن التسجيلات طوال اليوم تشير إلى أن الأطفال نادرًا ما يضحكون. في كثير من الأحيان، يصدرون أصواتًا أخرى قبل الكلام: «الثرثرة، أو الصرير، أو الهدير، تصدر هذه الأصوات من الأطفال طوال اليوم». ويتابع بإن الأمثلة الشديدة للضحك المستخدمة في هذه الدراسة والتي التقطتها الكاميرا لا تمثل كل الأشكال؛ لذلك يجب على العلماء الاستماع طوال اليوم لفهم نطاق الضحك المبكر بشكل أفضل.
تقول دافيلا روس إن الضحك يتضمن أكثر بكثير مما يتضمنه التنفس. فالضحك أكثر تعقيدًا ويحدث خلاله اهتزاز الطيات الصوتية وتكون الأصوات أكثر إيقاعًا إذا أصغينا إلى أحرف العلة. وتقول إنه ليس من الواضح كيف يمكن مقارنة هذه الجوانب من ضحكات الأطفال والقردة، وقد يدرس التحليل الأكثر شمولاً بنية الموجات الصوتية للضحكات.
تقول كارولين ماكجيتيجان، عالمة النفس وعالمة الأعصاب الإدراكية في كلية لندن الجامعية، إن تضمين متعة الضحك يمكن أن تكون مشكلة أيضًا. ما يصنفه الناس على أنه ممتع قد يكون متشابكًا مع كيفية إدراكهم لأعمار الأطفال. قد يستمتع الأفراد مثلًا بضحك الأطفال الأكبر سنًا إذا اعتقدوا أن الأطفال الأكبر أكثر متعة من الأطفال الصغار.
ومع ذلك، يوفر البحث بداية جيدة، إذ تقول: «تمنحنا دراسة هذه الأنواع من السلوكيات الصوتية للأطفال نافذة على ما يمكن أن يفعله التطور بأصواتنا».
ترجمة: ولاء سليمان
المصدر: sciencenews