منذ حوالي 1.2 مليار سنة، اندمجت بكتيريا زرقاء وخضراء داخل خلية أكثر تعقيدًا، أدى ذلك إلى تغيير كوكبنا والسماح بتنوع هائل من الحياة النباتية بالظهور والاستمرار في التطور.
كانت البكتيريا الزرقاء المندخلة، التي تسمى أحيانًا الطحالب الخضراء المزرقة، بسبب أصباغها المميزة قادرة على أداء عملية تسمى التمثيل الضوئي، والتي يمكن من خلالها تحويل طاقة الشمس إلى طاقة كيميائية. في البداية، كانت علاقتها بالخلية الأكثر تعقيدًا تكافلية. فقد زودت الخلية المعقد بالطعام، ووفرت لها هذه الخلية الحماية. ولكن، بمرور الوقت، انتقلت الكثير من المواد الجينية إلى بكتيريا التمثيل الضوئي، وشيئًا فشيئًا، إلى خلية «مضيفة» أكثر تعقيدًا، إلى أن أصبحت غير قادرة على البقاء بمفردها.
أوضحت فيكتوريا كالاترافا من جامعة كارنيجي: «هذه هي القصة الأصلية لتوليد العضية الخلوية المسؤولة عن نشاط التمثيل الضوئي، والتي تسمى البلاستيدات الخضراء». «نتج عن عملية مماثلة تطور الميتوكوندريا (المتقدرات)، والتي تعد مصدر طاقة الخلية، إذ تولد الطاقة عن طريق تكسير الكربوهيدرات والسكريات».
على الرغم من أنه من المتفق عليه على نطاق واسع حدوث ذلك، لكن ما يزال هناك الكثير الذي لا يفهمه العلماء حول العملية التي تنتقل من خلالها الجينات، وتحويل التعايش إلى عضية.
درست كالاترافا، جنبًا إلى جنب مع آرثر غروسمان من كارنيجي وديفاكي بهايا، وبالتعاون مع مختبر ديباشيش بهاتاشاريا في جامعة روتجرز هذه العملية من خلال دراسة كائن حي يسمى باولينيلا. تؤوي هذه الأميبا عضية لا تزال في طور التطور تسمى حامل الكروماتوفور، والتي اشتُقَّت نتيجة ابتلاعها للبكتيريا الزرقاء التي حدثت مؤخرًا منذ حوالي 100 مليون سنة فقط.
أوضح غروسمان أن «تغيرت طريقة حصول باولينيلا على الطاقة بالكامل نتيجة لهذا الحدث، والآن تحصل على غذائها من خلال السكريات التي صنعتها عبر التركيب الضوئي داخل الكروماتوفور». «نتيجة لذلك، تعد هذه العضية نظيرًا رائعًا لفهم كيفية تطور البكتيريا الزرقاء الصغيرة إلى بلاستيدات خضراء، والذي يشكل حدثًا غير قواعد اللعبة بالنسبة لكوكبنا».
أظهر الباحثون أن تدجين البكتيريا الزرقاء التي في طور التطور إلى كروماتوفور لأغراض البحث كشبيه لتطور البكتيريا الزرقاء القديمة إلى البلاستيدات الخضراء، حدث ذلك من خلال ما يسميه العلماء «نسخ-لصق» باستخدام آلية تسمى retrotransposition (أو التحويل الرجعي)، والتي تستخدم الحمض النووي RNA لنسخ جينات المتعايش داخل الحمض النووي DNA في الأميبا وإدخالها في مواضع مختلفة في جينومها.
وجد الباحثون أن الإدخال متعدد المواقع الناتج عن عملية التحويل الرجعي أفاد الأميبا المضيفة من خلال تمكينها من التحكم في جينات البكتيريا الزرقاء وزيادة قدرتها على تنظيم استجابتها لضغوط الضوء الزائد، التي قد تخربها.
بحسب بهايا: «الأميبا هي خلية معقدة داخل مملكة حقيقية النواة لشجرة الحياة، والبكتيريا التكافلية هي خلية أكثر بدائية داخل مملكة بدائية النواة لشجرة الحياة، وما يزال فهم كيفية استمرار عمل جينات هذه الأخيرة بعد اندماجها مع مملكة مختلفة غير كامل».
نظرًا لأنها آلية قديمة حافظت عليها الكائنات الحية بدرجة عالية، فمن المنطقي الاعتقاد بأن التحويل الرجعي كان حاسمًا لتطور البلاستيدات الخضراء، وبالتالي، من شأنه أن يدعم وجود كل الحياة النباتية على الأرض.
ترجمة: ولاء علي سليمان
المصدر: phys.org