دراسة تحدد دور الصدفة في ظهور مقاومة المضادات الحيوية

أظهر باحثون من مختبر كونستانتين سيفيرينوف علاقة الحظ باكتساب الخلايا البكتيرية جزيئات الحمض النووي الصغيرة التي تسمى البلازميدات والاحتفاظ بها على الرغم من الإجراءات المضادة لنظام المناعة كريسبر-كاس. تزود الجينات المحمولة على البلازميدات البكتيريا بمقاومة المضادات الحيوية، وهي ظاهرة خطيرة في جميع أنحاء العالم. توفر النتائج نظريات عن كيفية التعامل بفعالية مع انتشار مقاومة المضادات الحيوية من خلال تسخير نظام الدفاع الخلوي المسمى كريسبر-كاس. نشرت مجلة وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم Proceedings of the National Academy of Sciences الورقة البحثية.

البلازميدات عبارة عن جزيئات DNA دائرية صغيرة. عند دخولها إلى خلية بكتيرية، ستستفيد البلازميدات من موارد الخلية لتتكاثر وتنتقل إلى الخلايا الوليدة. يمكن للبكتيريا محاربة البلازميدات باستخدام نظام المناعة كريسبر-كاس.

تتكون مناعة كريسبر-كاس من مكونين رئيسيين. تعد (CRISPR) كريسبر بشكل أساسي قاعدة بيانات لقطع قصيرة من الحمض النووي الغريب الذي صادفته البكتيريا من قبل وتستخدمه للتعرف على الغزاة الجدد، مثل الفيروسات أو البلازميدات. يتكون الجزء (Cas) كاس من بروتينات تدمر الحمض النووي الغريب المطابق لكريسبر.

اعتُقد سابقًا أنه بمجرد تعرف كريسبر-كاس على البلازميدات، إما ستدمرها بسرعة كبيرة أو ستكتسب البلازميدات طفرات تجعلها غير مرئية لكريسبر-كاس.

يقول قائد الدراسة طالب الدكتوراه سكولتش «لقد أثبتنا أن ذلك لا يحصل دائمًا». «الفكرة الأساسية أن كريسبر-كاس قادر على أخذ عدد محدود من جزيئات البلازميد خلال كل وحدة زمنية. ونظرًا لأن البلازميد يُنسخ باستمرار، فبالنسبة لكل تركيبة فريدة تتكون من بلازميد معين وكريسبر-كاس يستهدفه، يوجد نقطة تتوازن فيها معدلات هاتين العمليتين المتعارضتين. عند الوصول إلى مثل هذا التوازن، سيبقى البلازميد في الخلية لفترات طويلة من الوقت بدون اكتساب أي طفرات حتى في وجود مناعة كريسبر-كاس المضادة.

أجرى الفريق نمذجة رياضية لإظهار أن هناك دائمًا نسبة صغيرة من الخلايا في مجموعة بكتيرية تمكنت من الوصول إلى هذا التوازن.

يقول مامنتوف: «فرص تهرب جزيء بلازميد واحد من كريسبر-كاس ضئيلة. ولكن، إذا كان «محظوظًا»، سيستطيع تكرار وزيادة أعداده قبل أن يدمره كريسبر-كاس. لا يوفر ذلك للبلازميدات القدرة على البقاء في الخلية بوجود كريسبر-كاس فقط، بل ويعطيها المزيد من الوقت لاكتساب الطفرات التي تجعل البلازميد مقاومًا تمامًا لكريسبر-كاس.»

«عند النظر بصورة أبعد من بقاء البلازميد داخل خلية واحدة إلى العمليات التي تحدث على نطاق مجموعة الخلايا، مثل مستعمرة بكتيرية تنمو على طبق بتري، اكتشفنا تأثيرًا آخر غير متوقع» يتابع مامونتوف. «قد يعتقد المرء أن جميع الخلايا في مستعمرة نمت على وسط يحتوي على مضادات حيوية ستحتوي على بلازميدات تحمل جينات مقاومة للمضادات الحيوية على الرغم من وجود نظام كريسبر-كاس يستهدف البلازميد. اكتشفنا أن هذا لم يكن هو الحال: أغلبية كبيرة من الخلايا لا تحمل بلازميدات. تمكنوا من البقاء على قيد الحياة بفضل حفنة من الخلايا الموجودة في المستعمرة، والتي حققت وحافظت على التوازن بين معدلات نسخ البلازميد وتدميره بواسطة كريسبر-كاس. كانت هذه الخلايا النادرة هي التي ساعدت بقية خلايا المستعمرة على البقاء على قيد الحياة في وجود المضاد الحيوي».

يقول مامونتوف: «من الواضح أن الخلايا المقاومة للمضادات الحيوية تساعد الخلايا الأخرى من خلال خلق ملاذ آمن حول بعضها، وهناك عدد صغير من الخلايا الحاملة للبلازميد كافٍ لبقاء جميع السكان على قيد الحياة».

وفقًا للباحثين في الدراسة، يزيد توازن البلاسميدات مع دفاعات كريسبر-كاس من تنوع التجمعات البكتيرية وبالتالي من استقرارها: في أي وقت، يمكن أن يحمل عدد صغير من الخلايا البلازميد الذي قد يكون عديم الفائدة في الوقت الحالي، ولكنه قد يصبح مفيدًا إذا تغيرت البيئة، وقد ينقذ المجموعة من الانقراض.

يشتمل النموذج الذي اقترحه مؤلفو الدراسة على تأثيرات تكاثر البلازميد في خلية واحدة وعلى مستوى التجمعات الخلوية. يفيد ذلك الباحثين الذين يعملون على طرق إزالة البلازميدات المقاومة للمضادات الحيوية من الخلايا البكتيرية المسببة للأمراض. تحاول فرق التكنولوجيا الحيوية في جميع أنحاء العالم تكييف تقنية كريسبر-كاس لهذا الغرض، على أمل التخلص من مقاومة البكتيريا المسببة للأمراض الخطيرة. إن فهم التفاعلات المعقدة بين كريسبر-كاس والبلازميدات أمر بالغ الأهمية لتطوير هذا النوع من الأدوات.

ترجمة: ولاء سليمان

المصدر: phys.org

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *