كشفت مجموعة الذكاء الاصطناعي DeepMind هياكل كل بروتين معروف للعلم تقريبًا.
حقق الباحثون هذا الإنجاز باستخدام برنامج AlphaFold، الذي طورته شركة DeepMind لأول مرة في عام 2018 وأصدرته علنًا في يوليو 2021. يمكن للبرنامج مفتوح المصدر التنبؤ ببنية البروتين ثلاثية الأبعاد من تسلسله للأحماض الأمينية، وهي اللبنات الأساسية التي تُبنى منها البروتينات. تحدد بنية البروتين وظائفه، لذا فإن قاعدة بيانات 200 مليون بنية بروتينية حددها AlphaFold تمتلك القدرة على تحديد طبيعة وظائف جديدة للبروتينات يمكن للبشر الاستفادة منها.
على سبيل المثال، قد تتضمن قاعدة البيانات بروتينات يمكن أن تساعد في إعادة تدوير البلاستيك، وفقًا لصحيفة الغارديان.
«استغرقنا الأمر وقتًا طويلاً لتصفح قاعدة البيانات الضخمة للهياكل، لكن ذلك فتح أمامنا هذه المجموعة الواسعة من الأشكال ثلاثية الأبعاد الجديدة التي لم نرها من قبل والتي يمكن أن تفكك البلاستيك بالفعل، » جون ماكجيهان، أستاذ علم الأحياء الهيكلي في جامعة بورتسموث في المملكة المتحدة، لصحيفة الغارديان. «ثمة نقلة نوعية كاملة. يمكننا حقًا تسريع خطواتنا – وهذا يساعدنا على توجيه هذه الموارد الثمينة نحو الأشياء الأكثر أهمية».
«البروتينات أشبه بأحاجي صغيرة وغامضة. تُنتج بواسطة كائنات حية من البكتيريا إلى النباتات والحيوانات، وعندما يتم صنعها، تُطوى في أجزاء من الثانية، لكن هياكلها معقدة للغاية لدرجة أن محاولة تخمين الشكل الذي ستتخذه يكاد يكون مستحيلًا. أشار سايروس ليفينتال، عالم الأحياء الجزيئية الأمريكي، إلى المفارقة القائلة بأن البروتينات تنطوي بسرعة وبدقة على الرغم من وجود أعداد هائلة من التكوينات المحتملة في ورقة بحثية عام 1969، مقدرًا أن بروتينًا معينًا قد يكون له 10^300 شكل نهائي محتمل.
بناء على ذلك، كتب ليفينتال، إن حاولنا التوصل لشكل البروتين الصحيح من خلال تجربة كل تكوين واحدًا تلو الآخر، فسيستغرق الأمر وقتًا أطول من عمر الكون للوصول إلى الإجابة الصحيحة.
يمتلك العلماء وسائل لتصور البروتينات وتحليل هياكلها، لكنه عمل بطيء ومجهد. الطريقة الأكثر شيوعًا لتصوير البروتينات هي من خلال التصوير البلوري بالأشعة السينية، وفقًا لمجلة Nature ، الذي ينطوي على توجيه الأشعة السينية نحو بلورات البروتينات الصلبة وقياس انحراف هذه الأشعة لتحديد بنية البروتين. حدد هذا العمل التجريبي شكل حوالي 190 ألف بروتين، وفقًا لـ DeepMind
في العام الماضي، أصدرت DeepMind تنبؤات ببنية جميع البروتينات في جسم الإنسان وفي 20 نوعًا قيد البحث، حسبما ذكر موقع Live Science سابقًا. وسع الفريق الآن تلك التنبؤات لتشمل البروتينات في أي كائن حي.
قال ممثلو DeepMind في بيان: «يتضمن هذا التحديث الهياكل المتوقعة للنباتات والبكتيريا والحيوانات والكائنات الحية الأخرى، ما يفتح العديد من الفرص الجديدة للباحثين لاستخدام AlphaFold لتعزيز عملهم في القضايا المهمة، بما في ذلك الاستدامة وانعدام الأمن الغذائي والأمراض المهملة».
الاستفادة من البروتينات
يعمل AlphaFold من خلال تجميع المعرفة حول تسلسلات الأحماض الأمينية والتفاعلات أثناء محاولته تفسير هياكل البروتينات. يمكن للخوارزمية الآن التنبؤ بأشكال البروتين في غضون دقائق بدقة تصل إلى مستوى الذرات.
بدأ الباحثون بالفعل بجني ثمار عمل AlphaFold. وفقًا لصحيفة الغارديان، مكّن البرنامج الباحثين من توصيف بروتين طفيلي الملاريا الرئيسي أخيرًا، إذ لم يكن قابلاً للتصوير البلوري بالأشعة السينية. قال الباحثون لصحيفة الغارديان إن هذا من شأنه أن يحسن تطوير اللقاح ضد المرض.
في الجامعة النرويجية لعلوم الحياة، استخدم باحث نحل العسل فيلد ليبارت برنامج AlphaFold للكشف عن بنية الفيتلوغينين – وهو بروتين تناسلي ومناعي تصنعه جميع الحيوانات التي تتكاثر بالبيوض. كتب ليبارت في مشاركة مدونة لـ DeepMind أن هذا الاكتشاف يمكن أن يمهد الطريق لدرء الأمراض عن الحيوانات المهمة التي تتكاثر بالبيوض كنحل العسل والأسماك.
وقالت روزانا كابيلر، الرئيس التنفيذي لشركة ROME Therapeutics، في بيانDeepMind، إن البرنامج يثري أيضًا البحث عن مستحضرات صيدلانية جديدة.
قال كابيلر: «سرعة ودقة AlphaFold يسرعان عملية اكتشاف الأدوية، ونحن فقط في بداية إدراك تأثيره في استحداث أدوية جديدة للمرضى بشكل أسرع».
ترجمة: حاتم زيداني
المصدر: livescience
