تفسر الدراسة قدرة العناكب الصغيرة على عدم إظهار عجز سلوكي لأن لديها خلايا عصبية أصغر حجمًا ونسبة أكبر من الجسم في تكوين أنسجة الدماغ
رغم أن أدمغة الحيوانات الأصغر حجمًا تكون عادةً أصغر من أقرانها الأكبر حجمًا، إلا أنه ليس من الواضح ما إذا كانت أقل مرونةً عن غيرها في أداء سلوكيات تكيفية في بيئتها الطبيعية، وفق ما أظهرته دراسة نشرتها دورية “بلوس ون” (PLOS ONE).
ووجدت مقارنات سابقة أن الجوانب السلوكية لدى الأنواع الصغيرة من العناكب الغازلة المدارية (Orb-Weaver Spiders) التي يبلغ حجمها حوالي 0.005 مليجرام، في أثناء غزل شباكها، لم تكن أقل دقةً من الأنواع الكبيرة، التي يصل حجم بعضها إلى 30 مليجرامًا.
وبينما كانت السلوكيات التي تمت دراستها في السابق بسيطة نسبيًّا، سعى فريق من الباحثين بقيادة روزانيت كويسادا هيدالجو -الباحثة المتخصصة في مجال علم البيئة الاستوائية في جامعة ساو باولو البرازيلية، والمؤلفة الرئيسية للدراسة- إلى إجراء تقييم أكثر دقةً بين الأنواع لدراسة التعديلات السلوكية المتعددة التي تلجأ إليها العناكب من نوع ” لوكيج أرجيرا” (Leucauge argyra)، عند غزل شباكها في مساحات صغيرة للغاية.
لجأ الباحثون إلى مقارنة سلوكيات العناكب الصغيرة، التي لا يزيد حجمها على 0.1 مليجرام، بالنتائج المنشورة في السابق، بشأن سلوكيات العناكب البالغة، التي يصل حجمها إلى أقل من 80 مليجرامًا.
وكشفت المقارنة أن العناكب الصغيرة عند غزل شباكها في مساحات محدودة، نفذت جميع التعديلات السلوكية المعقدة، التي نفذتها نظيرتها الأكبر حجمًا، في سبعة تصميمات على الأقل لشكل الشبكة، وأن هذه التعديلات السلوكية كانت بالمستوى نفسه من الدقة والكفاءة الموجود لدى العناكب البالغة.
التقديرات التقريبية المستندة إلى البيانات المنشورة في السابق، حول الحجم الكلي للدماغ وطول قطر أجسام الخلايا العصبية، تشير إلى أن صغار العناكب والإناث البالغة قد يكون لديها عددٌ مماثل من الخلايا العصبية، وذلك نظرًا إلى أن العناكب الصغيرة يكون لديها خلايا عصبية أصغر حجمًا، ونسبة أكبر من الجسم في تكوين أنسجة الدماغ.
توضح “هيدالجو” في تصريحات لـ”للعلم” أن التشابه في عدد الخلايا العصبية لدى العناكب الصغيرة من نوع “لوكيج أرجيرا” مع نظيرتها البالغة، قد يفسر قدرتها على غزل شباكها بالكفاءة نفسها، ودون أي عجز سلوكي مقارنةً بالعناكب كبيرة الحجم.
تقول “هيدالجو”: الأعداد الأقل من الخلايا العصبية، مع اختلاف حجم الدماغ لدى الحيوانات الصغيرة، يجعلها أقل قدرةً على تخزين الذكريات وعمل تعديلات سلوكية، وهو ما يفسر فرضية العجز السلوكي، التي قد تنعكس في صورة قصور محتمل في القدرة على التعلُّم، أو مرونة الاستجابة للتغيرات البيئية.
وتشير مؤلفة الدراسة إلى أن احتمال حدوث عجز سلوكي في الحيوانات الصغيرة قد ينجم عنه العديد من النتائج المهمة، التي تساعد في تفسير بعض المبادئ الأساسية في علم الأحياء، مثل بيئة البحث عن الطعام، وسلوك التكاثر الجنسي، وتطور حجم الجسم، إلا أن المثير للدهشة أن البيانات المحدودة ترجح أن الحيوانات الأصغر حجمًا تميل إلى عدم إظهار عيوب سلوكية.
تضيف “هيدالجو”: قدمنا –خلال الدراسة- دليلًا جديدًا على أن العناكب صغيرة الحجم جدًّا من هذا النوع من العناكب لديها قدرات سلوكية لتكييف شباكها في مساحات محدودة للغاية، مماثلة للقدرات السلوكية لنظيرتها البالغة الأكبر حجمًا.
تم نقل المقال من Scientific American بالتصرف.
اقرأ أيضًا: أن تكون عنكبوتًا في لعبة العروش