صعود الديناصورات تزامن مع تغيُّرات مناخية ناجمة عن نشاط بركاني

درس الباحثون عيناتٍ من الرواسب في حوض «جيوان» بشمال الصين.. لتحليلها جيوكيميائيًّا عن طريق النظائر المشعة.

كشفت نتائج دراسة جديدة وقوع تزامُن في ظهور الديناصورات مع تغيرات بيئية ناجمة عن نشاط بركاني كبير خلال حلقة “كارنيان بلوفال” المتأخرة من العصر الترياسي، التي حدثت منذ 234 مليون إلى 232 مليون سنة.

تشير الدراسة، التي نشرتها دورية “بروسيدنجز أوف ذا ناشيونال أكاديمي أوف ساينسز” (PNAS) وأعدها فريق من الجغرافيين وعلماء الأرض في جامعات بريطانية وصينية، اليوم “الإثنين”، 27 سبتمبر، إلى أن “تلك الفترة كانت مصحوبةً بزيادات في درجة الحرارة والرطوبة العالمية، والبراكين على نطاق واسع، وهي الفترة التي شهدت صعود الديناصورات، لكن بسبب نقص البيانات، لم يتم تحديد علاقة السبب والنتيجة بين هذه الأحداث”.

حلل الباحثون سجلات الرواسب والنباتات الأحفورية من بحيرة في حوض جيوان بشمال الصين، لتحديد النشاط البركاني خلال حلقة “كارنيان بلوفيال” (The Carnian Pluvial)، وانتهوا إلى أنه كانت هناك أربع نبضات متميزة من البراكين خلال هذه الفترة.

يقول “جيسون هيلتون” -أستاذ علم البيئة القديمة في كلية الجغرافيا بجامعة برمنجهام، والمؤلف الرئيسي في الدراسة- في تصريحات لـ”للعلم”: النتائج التي تعرضها الدراسة الحالية مهمة، لأنها تُظهر أن فترة حلقة “كارنيان بلوفال” كانت ناجمةً عن أربع نبضات بركانية منفصلة في فترة زمنية قصيرة تقارب مليوني سنة، وتُظهر النتائج أن كل نبضة بركانية كانت مصحوبة بتغيُّر في دورة الكربون وتغيرات مناخية كبيرة مع تعرُّض البيئة لمزيد من الظروف الرطبة.

يضيف “هيلتون”: لاحظنا الظروف الرطبة التي تميزت بالتغيرات في الغطاء النباتي المحفوظ في البحيرة، والتي تُظهر زيادات في النباتات المتكيفة مع الظروف الرطبة، لقد كان النشاط البركاني قويًّا وتسبب في إطلاق كميات هائلة من ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي، وأدى ذلك إلى زيادة درجة الحرارة والرطوبة العالمية في الفترة التي تقع على الحدود الزمنية للعصر الترياسي-الجوراسي، والتي شهدت واحدةً من أكبر حالات الانقراض الجماعي التي تم التعرُّف عليها.

درس الفريق عيناتٍ من الرواسب في حوض جيوان بشمال الصين، لتحليلها جيوكيميائيًّا عن طريق النظائر المشعة، كما حددوا أنواعًا من حبوب اللقاح والجراثيم الموجودة في رواسب البحيرة لمعرفة الحيوانات والنباتات التي كانت موجودةً في المنطقة في العصور السابقة.

يقول “هيلتون” في تصريحاته لـ”للعلم”: لم تستهدف الدراسة الديناصورات بالأساس، وإنما ركز البحث على الرواسب المحفوظة في بحيرة قديمة من الفترة التي سبقت مباشرةً ظهور الديناصورات وحتى الصعود إلى الهيمنة في البيئات الأرضية، ووجدنا أن تغيراتٍ عميقةً في الظروف القارية حدثت في حلقة “كارنيان بلوفال” المتعلقة بزيادة هطول الأمطار الناتجة عن البراكين.

ويتابع: في نهاية فترة كارنيان بلوفال، أصبحت المناخات الأكثر جفافًا التي أعيد ربطها بالبحيرات ضحلةً وأقل اتساعًا، مما سمح للأنواع التي تتكيف مع الظروف الأكثر جفافًا -بما في ذلك الديناصورات- بالصعود، وكان لهذه الفترة من النشاط البركاني، وما صاحبها من تغيرات بيئية، تأثيرات كبيرة على التنوع الأحيائي على الأرض، في وقت كانت الديناصورات قد بدأت لتوها في الصعود والهيمنة على مدار 150 مليون سنة تالية.

يضيف “هيلتون”: يطلق على هذه الحلقة “كارنيان بلوفال”، وخلالها أصبحت البيئات على الأرض أكثر رطوبة، كما كانت البحيرات أعمق وأكثر اتساعًا في حوض جيوان حيث جمعنا عيناتنا، ربما تكون الأنواع التي تفضل الظروف الأكثر رطوبةً قد ازدهرت، في حين أن الأنواع التي تكيفت مع الظروف الأكثر جفافًا كانت أقل نجاحًا”.

تم نقل المقال من Scientific American بالتصرف.

اقرأ أيضًا: علم النباتات القديمة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *