يمكن لبقايا أحفورية تعود لقرد قديم عاش قبل 11 مليون سنة خلال العصر الحديث الوسيط (الميوسيني -Miocene) أن تساعدنا على فهم كيف ومتى بدأ البشر الأوائل المشي على قدمين ، وهو الحدث الذي غير مجرى التطور للأجيال القادمة.
وُجدِت الأطراف الكاملة لدانوفيوس جوجينموسي محفوظة في المنطقة الجبلية آلجاو في ولاية بافاريا جنوبي ألمانيا، ميّز باحثون البقايا بأنها «قفص صدري واسع وعمود فقري قطني طويل ووركان وركبتان واسعان، تمامًا كما في ذوات القدمين Bipeds، بالإضافة إلى أطراف أمامية طويلة ومتوسعة بالكامل كما في جميع القردة. يجمع دانوفيوس تكيفات كل من ذوات القدمين والقردة التي لديها القدرة على التعلّق، ويشكل بدوره نموذجًا للسلف المشترك بين القردة العليا والبشر».
من المقترح أن البنية الفسيولوجية المميزة لدانوفيوس جوجينموسي قد منحته القدرة على التعلق بالأغصان بيديه مثل إنسان الغاب (أو السِعلاة)، وسمحت ساقاه بما اصطلح الباحثين تسميته «التسلق بواسطة الأطراف لمدة طويلة»، وعلى عكس القردة الحديثة مثل إنسان الغاب وقردة الغيبون التي تستخدم أذرعها للحركة أكثر من سيقانها، امتلك هذا النوع أطرافًا خلفية قادرة على الاستقامة للمشي عليها، بالإضافة إلى إصبع قدم كبير قادر على الإمساك بالأشياء ما يدل على أنه مشى على باطن قدميه.
اقتُرحت الكثير من الأفكار لتفسير أصل المشي على قدمين في أشباه البشر والقدرة على التعلق في القردة العليا (أسلاف البشر)، لكنّ الأدلة الأحفورية لدعمها ناقصة.
وأهم نظريتين حول تطور المشي على قدمين هما: إما أن أسلاف البشر(hominins) ذوي الساقين تطوروا من رئيسيات رباعية الأرجل والتي تضع جميع أرجلها على الأرض كما تفعل القردة الحديثة إلى أن تكيفوا على الانتصاب والمشي على قدمين، أو أن أسلاف البشر الأوائل كانوا يشبهون أجناسًا من الشمبانزي المنقرضة حاليًا والتي كانت لها القدرة على التعلّق من الأطراف الأربعة.
إذا نالت النظرية الجديدة القبول، فإن دانوفيوس جوجينموسي سيوسع مدى فهمنا لمسار تطور الإنسان الأولي، فبقايا أنثى أرديبيتيكوس راميدس التي تبلغ من العمر 4.4 مليون سنة تدل أنها مشت على قدميها، وهي أقرب إلى البشر الأوائل منها إلى القردة.
وقد عُثر على أنواع أخرى من ذوات القدمين بين حوالي 6 إلى 7 مليون سنة مضت، في ذات الوقت الذي انفصل فيه البشر عن الشمبانزي الحديث، وتقترح أدلة دانوفيوس جوجينموسي أن القدرة على المشي على قدمين ظهرت قبل انفصال أشباه البشر عن الشيمبانزي الحديث وقردة البوبون.
تقول عالمة الحفريات والانثروبولوجي مادلين بومي: «إن الذي يجعل الأمور معقدة للغاية الآن هو كيفية تعريف أشباه البشر إن لم يكن التعريف هو القدرة على المشي كما اعتدنا. ستصنع ورقتنا البحثية هذه معضلة في طريقة تعريف أشباه البشر».
مع ذلك، لم يقتنع الجميع بهذه النظرية، إذ يرفضها بعض الباحثون لأنهم يعتقدون أن شكل العظم وحده ليس كافيًا لتحديد الآلية التي يتحرك بها القرد، بالإضافة إلى أن الجزء المحفوظ من العمود الفقري السفلي ليس كافيًا للبرهنة على أن أسفل الظهر كان طويلًا ومرنًا، وهي متطلبات المشي بانتصاب.
اقرأ أيضًا:
اكتشاف أحفورة تمثل حلقة وصل بين الديناصورات والطيور
المصدر: iflscience