دراسة حديثة: ديدان طفيلية تُعطل إشارات الألم عند المضيف لتفادي جهاز المناعة

ملخص بياني. حقوق الصورة: مجلة علم المناعة (2025) DOI: 10.1093/jimmun/vkaf141.
ملخص بياني. حقوق الصورة: مجلة علم المناعة (2025) DOI: 10.1093/jimmun/vkaf141.

كشفت دراسة حديثة نُشرت في مجلة علم المناعة (The Journal of Immunology) وجود دودة طفيلية قادرة على تثبيط عمل الخلايا العصبية في جلد المضيف لتفادي اكتشافها ويعتقد الباحثون أن الدودة طورت هذه الآلية لضمان بقائها، وأن تحديد الجزيئات المسؤولة عن هذا التثبيط قد يمهد لتطوير مسكنات ألم جديدة.

يُعرف داء البلهارسيا بأنه عدوى تسببها ديدان طفيلية. تحدث الإصابة بهذا الداء عند ملامسة مياه ملوثة خلال ممارسة أنشطة مثل السباحة أو غسل الملابس أو صيد الأسماك، إذ تخترق اليرقات الجلد. وتتميز هذه الدودة بقدرتها على الإفلات من رصد الجهاز المناعي على عكس البكتيريا أو الطفيليات الأخرى التي تثير في العادة الألم أو الحكة أو الطفح الجلدي.

في هذه الدراسة، سعى باحثون من كلية الطب بجامعة تولين لمعرفة السبب وراء عدم تسبب البلهارسيا المنسونية (Schistosoma mansoni) بحدوث ألم أو حكة عند اختراقها جلد المضيف.

وأظهرت النتائج أن هذه الدودة تقلل نشاط بروتين TRPV1+، الذي ينقل إشارات يفسرها الدماغ على شكل حرارة أو ألم أو حكة. يُعد بروتين TRPV1+ عنصرًا أساسيًا في آلية الإحساس بالألم في الخلايا العصبية الحسية، وله دور في تنظيم الاستجابات المناعية في سياقات متعددة مثل العدوى والحساسية والسرطان وأمراض المناعة الذاتية وحتى نمو الشعر.

أوضح الباحثون أن البلهارسية المنسونية تُنتج جزيئات تُثبط بروتين TRPV1+، فتمنع وصول الإشارات إلى الدماغ، ما يتيح لها اختراق الجلد دون أن يتمكن الجهاز العصبي من رصدها. ويُرجح أن تكون هذه الدودة قد طورت تلك الجزيئات لتعزيز فرص بقائها. علق الدكتور دي بروسكي ر. هربرت، أستاذ علم المناعة بجامعة تولين وقائد الفريق البحثي: «إذا تمكنا من تحديد الجزيئات التي تستخدمها الديدان الطفيلية لمنع تنشيط بروتين TRPV1+ وعزلها، قد يتيح ذلك بدائل جديدة عن العلاجات الحالية المعتمدة على المواد الأفيونية لتخفيف الألم».

وأضاف: «يمكن أيضًا تطوير هذه الجزيئات إلى علاجات تحد من شدة الأمراض لدى المرضى الذين يعانون من حالات التهابية مؤلمة».

كشفت الدراسة أيضًا أن بروتين TRPV1+ أساسي لبدء استجابة دفاعية ضد البلهارسية المنسونية، إذ يؤدي تنشيطه إلى حدوث تعبئة سريعة للخلايا المناعية، بما في ذلك خلايا γ δ T والخلايا الوحيدة والعدلات، التي تثير حالة التهابية تُعد عنصرًا حاسمًا في مقاومة دخول اليرقات إلى الجلد. وتُبرز هذه النتائج الدور المحوري للخلايا العصبية الحسية في إنجاح الاستجابات المناعية.

واختتم الدكتور هربرت قائلًا: «قد يُسهم تحديد الجزيئات التي تمنع TRPV1+ في البلهارسية المنسونية في ابتكار علاجات وقائية لداء البلهارسيا. ونتوقع استخدام عامل موضعي يُنشط TRPV1+ لمنع العدوى من المياه الملوثة للأفراد المعرضين لخطر الإصابة بالبلهارسية المنسونية».

خلال الدراسة، أُصيبت فئران مخبرية بالبلهارسية المنسونية، ثم جرى تقييم حساسيتها للألم ودور TRPV1+ في الوقاية من العدوى. ويخطط الفريق البحثي مستقبلًا لتحديد طبيعة الجزيئات التي تُفرزها الديدان الطفيلية أو ترتبط بسطحها والمسؤولة عن تثبيط نشاط TRPV1+، إضافة إلى تحديد مجموعات فرعية بعينها من خلايا γ δ T المسؤولة عن الاستجابات المناعية. كما يهدف الباحثون إلى تعميق فهمهم لأنواع الخلايا العصبية التي طورتها هذه الديدان لاستهدافها وقمعها.

ترجمة: علاء شاهين

المصدر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *