
كان الانتقال من الماء إلى اليابسة من أهم المراحل في رحلة تطور الحياة على كوكب الأرض. تطلبت هذه الخطوة الهائلة من الحيوانات التكيف مع تحديات جديدة، بما في ذلك دعم وزن أجسامها وتطوير أساليب حركة جديدة. فرضت هذه التغييرات ضغطًا متزايدًا على الجلد الحامل للوزن، مثل الكفوف وباطن القدم.
تكتسب هذه الآليات الجزيئية أهمية بالغة، غير أن الكيفية التي يحافظ بها الجلد على استقراره (الاستتباب) تحت الضغط المستمر ما زالت غير مفهومة تمامًا. أظهرت دراسة صينية نُشرت في مجلة الخلية (Cell) كيف يتكيف الجلد مع هذه القوى الفيزيائية. لفهم ما يحدث بشكل أفضل، ركز الباحثون على جين Slurp1، الذي يُعطي تعليماتٍ لإنتاج بروتين(SLURP1) الذي يُعبَر عنه فعليًا في خلايا الجلد والخلايا الأخرى التي تُبطن الأسطح والتجاويف في الجسم. يوجد هذا الجين في البرمائيات والزواحف والطيور والثدييات، في حين تفتقر له اللافقاريات والأسماك. ويُوحي ذلك بأنه قد نشأ متزامنًا مع انتقال الكائنات إلى العيش على اليابسة.
أنتج الباحثون مخبريًا فئرانًا معدلة وراثيًا لتفقد جين Slurp1 وأنتجوا فئرانًا أخرى لا تستطيع إنتاج بروتين SLURP1. قورنت هذه الفئران بمجموعة ضابطة من الفئران العادية.
بعد ذلك أجرى الباحثون تجارب لقياس استجابة أقدام الفئران لمستويات مختلفة من الضغط الميكانيكي، مع تحليل التغيرات الخلوية من خلال دراسة أنماط نشاط الجينات وإنتاج البروتينات.

النتائج الرئيسية
وجدت الدراسة أن بروتين SLURP1 موجود في المناطق الحاملة للوزن، مثل الكفوف، ما يشير إلى أهميته في إدارة الضغط البدني. في الفئران التي كانت تفتقر إلى هذا البروتين، تسبب الضغط الطبيعي على كفوفها بزيادة سمك جلدها بشكل غير طبيعي، وتطور حالة مشابهة لمرض يصيب البشر يُسمى PPK (تقرن الجلد الراحي الأخمصي). عندما أزيل الضغط عن الكفوف، عاد الجلد إلى طبيعته، ما يعني أن الأعراض كانت نتيجة مباشرة لهذا الضغط.
كشفت الدراسة أيضًا أن لهذا البروتين وظيفة أكثر أهمية في الخلية مقارنة مع ما كان يُعتقد سابقًا. إذ يعمل كبروتين غشائي للشبكة الإندوبلازمية (ER)، ويحمي مضخة حيوية داخل الشبكة عند تعرضها لضغط ميكانيكي، ما يساعد الخلية على الحفاظ على استقرارها. كتب الدكتور تينغ تشين، المؤلف الرئيسي للورقة البحثية: «تكشف نتائجنا عن آلية مقاومة ميكانيكية قائمة على الشبكة الإندوبلازمية، لم تُكتشف سابقًا، وهي ضرورية للحفاظ على توازن البشرة وتنظيم الاستجابات التجديدية تحت الضغط الميكانيكي».
لا تُلقي هذه النتائج الضوء على الماضي التطوري الذي أتاح للحياة الاستقرار على اليابسة فحسب، بل لها أيضًا تطبيقات واعدة في الطب الحديث، فقد تفتح الطريق أمام تطوير علاجات دقيقة لمرض تقرن الجلد الراحي الأخمصي وغيره من الاضطرابات الجلدية. قد يساعد هذا الفهم الجديد لتكيف الجلد مع الضغط في تصميم مواد حيوية أو أطراف صناعية أكثر توافقًا مع جلد الإنسان وأكثر كفاءة في الاستخدام.
ترجمة: علاء شاهين