كيف تنمو البكتيريا؟ اختلافات تطورية تُمهد لأساليب جديدة في مكافحة العدوى

توزيع مميز لإنزيم الارتباط بالبنسلين رقم 2 (PBP2) في نوعي بكتيريا: أستيكاكوليس اللامركزية A. Excentricus و كولوباكتر الهلالية C. crescentus، وارتباط هذا التوزيع بالنشاط الحيوي لتخليق الببتيدوغليكان. المصدر Nature Communications (2025) DOI: 10.1038/s41467-025-60005-y.
توزيع مميز لإنزيم الارتباط بالبنسلين رقم 2 (PBP2) في نوعي بكتيريا: أستيكاكوليس اللامركزية A. Excentricus و كولوباكتر الهلالية C. crescentus، وارتباط هذا التوزيع بالنشاط الحيوي لتخليق الببتيدوغليكان. المصدر Nature Communications (2025) DOI: 10.1038/s41467-025-60005-y.

كشفت مجموعة دولية من العلماء، بقيادة البروفيسور إيف برون أستاذ علم الأحياء الدقيقة في جامعة مونتريال، أن أنواعًا بكتيرية متقاربة من الناحية التطورية تستخدم استراتيجيات مختلفة لبناء جدارها الخلوي.

ويقول الباحثون، في بحثهم المنشور في عدد شهر يونيو في دورية نيتشر كوميونيكيشينز (Nature Communications)، إن هذا الاكتشاف يُبشر بتوجيه طرق جديدة لمواجهة مقاومة المضادات الحيوية.

وبالاستعانة بزملاء من قسمه، بالإضافة إلى باحثين من المعهد الوطني للبحث العلمي في كندا (INRS) وجامعة إنديانا، استخدم برون تقنيات مجهرية متقدمة ومجسات فلورية لتعقب نمو البكتيريا.

أظهرت النتائج تنوعًا غير متوقع في أنماط استطالة الجدار الخلوي، يتمحور حول عملية تخليق الببتيدوغليكان التي تُعد هدفًا رئيسيًا لعدة فئات من المضادات الحيوية، بما في ذلك البنسلين.

قال البروفيسور إيف برون، المؤلف الرئيسي للدراسة: «اتضح أن العملية، التي لطالما اعتُبرت موحدةً إلى حد بعيد، تنضوي في الواقع على قدر أكبر من التنوع، حتى بين الكائنات التي تجمعها صلة تطورية وثيقة». وأضاف: « وقد يكشف هذا التنوّع عن مواضع ضعف غير معروفة سابقًا، يمكن الاستفادة منها في ابتكار مضادات حيوية جديدة».

تركزت الدراسة على عائلة الكولوباكترات، إذ قارن الباحثون بين نوع يُعرف باسم «كولوباكتر الهلالي»، الكائن النموذجي واسع الاستخدام في الأبحاث، ونوع قريب منه يُدعى «أستيكاكوليس اللامركزي».

وتبين أن النوع الأول يُطيل جداره الخلوي في اتجاهين انطلاقًا من المركز، بينما يستطيل النوع الثاني في اتجاه واحد فقط نحو أحد قطبَي الخلية. ويرتبط هذا الاختلاف بإعادة تموضع إنزيم الارتباط بالبنسلين رقم 2 (PBP2)، وهو هدف تقليدي للمضادات الحيوية.

لكن النتائج كشفت ما هو أبعد من ذلك.

تقول ماري ديلا بي، الباحثة المشاركة الأولى في الدراسة، وباحثة ما بعد الدكتوراه في مختبر برون: «في سياق ملاحظتنا لهذا التنوع التطوري المفاجئ بين أنواع متقاربة، تكوّنت لدينا قناعة بإمكانية أن يكون للبيئة دور في تغيير أنماط الاستطالة لدى البكتيريا».

وتُضيف: «وبالفعل، تُظهر بيانات جديدة حصلنا عليها بعد تسليم الدراسة أن هذه الآليات لا تخضع للعوامل الوراثية وحدها، بل يمكنها أيضًا أن تتكيف مع الظروف البيئية». وتختم قائلة: «ما يدل على أن دراسة التطور لا تُعنى فقط بفهم الماضي، بل تكشف أيضًا عن تنوعات دقيقة تساعد في تفسير مقاومة البكتيريا للمضادات الحيوية، وقد تسهم في تجاوزها».

تشير ملاحظات فريق برون إلى إمكانية امتلاك بعض أنواع البكتيريا قدرة على تعديل نمط نموها بصورة نشطة تبعًا للسياق البيئي، ما يزيد من تعقيد فعالية العلاجات المتوفرة.

وبأخذ هذه المرونة البيولوجية في الحسبان، يأمل الباحثون في الإسهام في تطوير استراتيجيات علاجية أكثر توافقًا مع البيئات المتنوعة التي تنشط فيها البكتيريا.

قال برون: «علينا أن نكف عن النظر إلى تخليق الجدار الخلوي في البكتيريا كهدف ثابت وعام. فهذه العملية تتسم بديناميكية تفوق ما كنا نتصور، وتخضع لتأثيرات تطورية وبيئية معقدة. ومن شأن هذا الفهم الجديد أن يفتح آفاقًا أوسع في تطوير علاجات مبتكرة وأكثر فعالية».

المصدر

ترجمة: علاء شاهين

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *