دراسة جديدة تربط شكل القفص الصدري البشري بالمناخ

قفص صدري مُعاد بناؤه لأحفورة تابعة لنوع الإنسان العاقل. المصدر:Communications Biology (2025) DOI: 10.1038/s42003-025-08472-3.
قفص صدري مُعاد بناؤه لأحفورة تابعة لنوع الإنسان العاقل. المصدر:Communications Biology (2025) DOI: 10.1038/s42003-025-08472-3.

ربما يكون أوتزي، رجل الجليد، قد لقي حتفه بشكل مؤسف أثناء عبوره جبال الألب قبل أكثر من 5000 عام، ولكن بفضل بقاياه المحفوظة جيدًا، لا يزال يساعدنا على فهم ماضينا. تُقدّم عملية إعادة بناء رقمية جديدة لقفصه الصدري معلومات جديدة حول تطوّر الإنسان الحديث.

أراد الباحثون معرفة ما إذا كان القفص الصدري النحيل الذي نراه في البشر المعاصرين سمة مشتقة فريدة من نوعها في سلالتنا أم سمة موروثة من أجدادنا. لمعرفة ما إذا كان هذا صحيحًا، أعاد خوسيه م. لوبيز-ري من المتحف الوطني للعلوم الطبيعية في مدريد، إسبانيا، وزملاؤه بناء أضلاع أربعة أفراد من نوع الإنسان العاقل تعود إلى فترة ما قبل التاريخ.

بالإضافة إلى أوتزي، درس الباحثون أحفورة نزلة خاطر 2 (أحفورة عمرها 30,000 عام لأقدم إنسان عُثر عليه في مصر)، وأوهالو 2 H2 (هيكل عظمي بشري عمره 19,000 عام عُثر عليه في إسرائيل)، ودولني فيستونيس 13 (هيكل عظمي عمره 30,000 عام عُثر عليه في جمهورية التشيك).

ثم قورنت النماذج ثلاثية الأبعاد الناتجة بأضلاع 59 فردًا من البشر المعاصرين، بالإضافة إلى اثنين من أحافير إنسان نياندرتال وأحفورة واحدة للإنسان المنتصب.

فماذا وجد الفريق؟

تتميز الأقفاص الصدرية المتحجرة من الإنسان العاقل المبكر، بما في ذلك تلك الموجودة في أحافير نزلة خاطر 2، وأوهالو H2 2، ودولني فيستونيتسه 13، بنسب دائرية أو كروية مميزة، وهي سمة مميزة للإنسان الحديث. يشير هذا الشكل المتناسق إلى بنية صدرية أساسية مشتركة بين جنسنا البشري. نُشرت الدراسة في مجلة كوميونيكيشينز بيولوجي (Communications Biology).

كيف شكَلَنا المناخ؟

تشير الأدلة أيضًا إلى ارتباط واضح بين حجم وشكل القفص الصدري والمناخ. فالأفراد الذين عاشوا في مناخات دافئة أو معتدلة، كما هو الحال في حفريات نزلة خاطر 2 وأوهالو 2 H2، كانوا يميلون إلى امتلاك أقفاص صدرية أصغر حجمًا وأكثر ميلًا إلى الشكل الأسطواني. بالمقابل، امتلك البشر الأوائل الذين عاشوا في بيئات باردة، مثل أحفورة دولني فيستونيتسه 13، أقفاصًا صدرية أكبر حجمًا وأعرض، ويُرجّح أن ذلك كان تكيفًا مع ظروفهم المناخية القاسية.

يقع قفص أوتزي الصدري بين هذين النوعين، ما قد يعكس الحاجة إلى التكيف مع التغيرات الموسمية في درجات الحرارة أثناء تنقله عبر منطقة جبال الألب.

ومن أبرز جوانب هذا البحث أن قفص دولني فيستونيتسه 13 الصدري يكاد يكون بنفس حجم القفص الصدري الموجود لدى إنسان نياندرتال، أو أوسع منه، على غرار الإنسان المنتصب. تشير هذه النتائج إلى ضرورة إعادة النظر في الفرضية الشائعة بأن أضلاع الإنسان العاقل كانت دائمًا أقل صلابة من أضلاع إنسان نياندرتال أو الإنسان المنتصب. وتُظهر المعطيات أن الفروقات في البنية الجسدية للإنسان أكثر تعقيدًا مما كان يُعتقد سابقًا. ويعلّق القائمون على البحث بالقول: «تُضاف هذه الدراسة إلى مجموعة من الأبحاث التي تكشف عن وجود تباين مورفولوجي واسع لدى الإنسان العاقل، سواء في شكله الأحفوري أو المعاصر، وهو تنوّع لا يمكن اختزاله في هيئة جسدية واحدة محددة. فالبنية الجسدية لا تتحدد فقط بالعوامل الوراثية، بل تتأثر أيضًا بقدرة الإنسان على التكيّف مع الظروف المناخية المختلفة».

المصدر

ترجمة: علاء شاهين

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *