اكتشاف ألياف عصبية في أدمغة الشمبانزي تُمكّنها من التواصل اللغوي

صورة: أدلة وصفية على الاتصال العصبي بين الحزمة القوسية والتلفيف الصدغي الأوسط (AF–MTG)

A: صورة ملوّنة عالية الدقة بمقياس التباين الاتجاهي (FA) مركّبة فوق صورة تشريحية لدماغ شمبانزي واحد. تُظهر الصورة خطًا أزرق نازلًا يمثّل ألياف المادة البيضاء التي تسير من الأعلى إلى الأسفل، إلى جانب الإشعاع البصري (الظاهر باللون الأخضر). تجدر الإشارة إلى أن غياب هذا الخط الأزرق سبق أن ورد في دراسات سابقة على الشمبانزي، في حين يظهر بوضوح عند البشر.

B: صورة تعتمد على تقنية التتبّع الحتمي للمسارات العصبية (باللون البنفسجي)، مركّبة فوق صورة تشريحية، وتُظهر الاتصال النازل بين الحزمة المقوسة (AF) والتلفيف الصدغي الأوسط (MTG) في نفس الموضع الذي يظهر فيه الخط الأزرق في صورة FA الملوّنة (انظر الصورة A) كذلك تُظهر الصورة فرقًا واضحًا بين الإشعاع البصري والبنية الجانبية التي تمثّل الحزمة المقوسة.

:C عرض جانبي يُظهر نموذجًا فرديًا من الشمبانزي، ويوضح الاتصال الممتد بين الحزمة المقوسة والتلفيف الصدغي الأوسط (AF–MTG)، وفقًا لنتائج التتبّع الحتمي بالتشريح الافتراضي.

الاختصارات:

  • OR: الإشعاع البصري.
  • STG: التلفيف الصدغي العلوي.
  • MTG: التلفيف الصدغي الأوسط.

المصدر: مجلة نيتشر كوميونيكيشنز Nature Communications (2025).

DOI: 10.1038/s41467-025-59254-8

في اكتشاف جديد حول الأساس التطوري لقدرتنا على استخدام اللغة، توصّل باحثون من معهد ماكس بلانك لعلوم الإدراك والدماغ البشري، بالتعاون مع معهد ماكس بلانك للأنثروبولوجيا التطورية ومعهد ألفريد فيغنر، إلى تحديد ارتباط عصبي في أدمغة الشمبانزي يُشبه ذلك الموجود في أدمغة البشر.

نُشرت نتائجهم في مجلة نيتشر كوميونيكيشنز (Nature Communications).

يكمن جوهر هذا الاكتشاف في الحزمة المقوّسة (Arcuate Fascicle – AF)، وهي حزمة من الألياف العصبية التي تربط بين مناطق اللغة في الدماغ. عند البشر، ترتبط هذه الحزمة بالتلفيف الصدغي الأوسط (Middle Temporal Gyrus – MTG)، وقد أثبتت الدراسة للمرة الأولى وجود هذا الاتصال أيضًا في أدمغة الشمبانزي.

يشرح المؤلف الأول للدراسة، يانيك بيكر:

«تشير نتائجنا إلى أن البنية العصبية الضرورية للغة ليست مستجدة كليًا لدى البشر، بل تطوّرت على الأرجح من بنية أقدم كانت موجودة لدى السلف المشترك».

مع ذلك، يعد هذا الاتصال العصبي أضعف بكثير لدى الشمبانزي مقارنة بالبشر، ما قد يفسر عدم قدرتها على استخدام لغة معقّدة كاللغات البشرية.

اعتمد الباحثون في دراستهم على التصوير بالرنين المغناطيسي عالي الدقة لتحليل أدمغة حيوانات شمبانزي تعيش في الأسر، ولأول مرة شمل التحليل أيضًا أدمغة شمبانزي بري نفقت بشكل طبيعي في الأدغال الإفريقية.

يضيف المؤلف الأخير للدراسة، ألفريد أنفاندر: «استطعنا تصوير المسار التفصيلي للألياف العصبية بين المناطق الدماغية المختلفة بدقة غير مسبوقة».

ومن المثير للاهتمام رصدُ الباحثين لوجود ارتباط واضح بين الحزمة المقوسة والتلفيف الصدغي الأوسط عند جميع أدمغة الشمبانزي العشرين التي شملتها الدراسة، وهي سمة كان يُعتقد سابقًا أنها حكر على البشر فقط.

تشير النتائج إلى أن البنية العصبية اللازمة للتواصل المعقّد كانت موجودة بالفعل لدى السلف الشامل الأخير بين البشر والشمبانزي قبل نحو سبعة ملايين عام، وهي ما سمحت لاحقًا بتطوّر اللغة عند البشر. ونظرًا لعدم توفر دماغ السلف المشترك، لا يمكن أن تتم دراسة تطوّر البنية العصبية للغة إلا من خلال مقارنتها بأقرب أقربائنا الأحياء، الشمبانزي.

تعلّق البروفيسورة أنجيلا دي. فريدرشي، المؤلفة المشاركة في الدراسة ومديرة قسم علم النفس العصبي في معهد ماكس بلانك لعلوم الإدراك والدماغ البشري، قائلة: «حتى الآن، كان يُعتقد أن البنى التشريحية الداعمة للغة قد ظهرت حصريًا لدى البشر. لكن نتائجنا تُعيد صياغة فهمنا جذريًا لأصول اللغة والإدراك من منظور تطوري».

ويتطلع فريق البحث إلى توسيع نطاق دراسته في المستقبل.

يؤكد يانيك بيكر:

«من خلال اتحادنا البحثي الدولي، وبالتعاون مع محميات الحياة البرية في أفريقيا ومراكز الرعاية وحدائق الحيوان الأوروبية، أصبح بإمكاننا الآن ربط البيانات السلوكية التي جُمعت خلال حياة القِرَدة العليا ببنيتها الدماغية».

«وسيسمح لنا ذلك بالغوص أعمق في دراسة الأسس العصبية للقدرات الإدراكية لدى القِرَدة العليا».

ترجمة: علاء شاهين.

المصدر: phys.org

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *