خريطة تطوّر الإشريكية القولونية قد تقود إلى طب دقيق ضد مقاومة المضادات الحيوية
وُضعت خريطة تطوّر بكتيري معمّقة هي الأولى من نوعها، مما قد يمهّد الطريق لتطوير علاجات دقيقة لبعض العدوى المقاومة للمضادات الحيوية، مثل التهابات المسالك البولية.
طوّر باحثون في معهد ويلكوم سانجر، وجامعة أوسلو، وجامعة القطب الشمالي في النرويج (UiT)، بالتعاون مع شركاء آخرين، طريقة جديدة لاستخدام بيانات التسلسل طويل القراءة واسعة النطاق لدراسة البنى الجينية الدائرية المعروفة باسم البلازميدات في أكثر الميكروبات دراسةً، وهي الإشريكية القولونية (E. coli). ومن خلال هذه الطريقة، أُتيح تتبّع تدفّق تبادل الجينات، وتحديد بعض الحواجز التي تعيق ذلك، وربط تفشيات سلالات مختلفة من الإشريكية القولونية ببلازميدات محددة تعود إلى نحو 300 عام مضت.
كُشف في الدراسة، التي نُشرت في مجلة «Nature Communications»، عن بلازميد موجود في عدّة سلالات من الإشريكية القولونية يمكّنها من إنتاج سمّ لقتل أنواع أخرى قريبة الصلة من البكتيريا، مما قد يسهم في توجيه العلاجات المستقبلية للعدوى البكتيرية.
يتيح هذا المورد عالي الدقة للمجتمع العلمي دراسة الإشريكية القولونية بمستوى غير مسبوق، من خلال تزويده بمعلومات توضّح كيف تتطوّر البلازميدات جنبًا إلى جنب مع سلالات الإشريكية القولونية. وبفضل القدرة على فهم وتتبع البلازميدات التي تمنح سلالات الإشريكية القولونية صفات معينة، قد يصبح من الممكن استهداف هذه البلازميدات بشكل مباشر. وقد يؤدّي ذلك إلى تقليل الحاجة لاستخدام المضادات الحيوية واسعة الطيف، وبالتالي الحد من انتشار العدوى البكتيرية المقاومة للعلاج.
ويقترح الباحثون أنّه إذا تمكنت سلالة أقل ضررًا على البشر من التفوّق طبيعيًا على سلالة أشد خطرًا، فقد يُصار إلى إدخالها للمساعدة في إدارة صحة الإنسان بصورة أكثر شمولًا.
غالبًا ما تكون البكتيريا في حالة منافسة دائمة مع بعضها البعض، إذ تتصارع على نفس البيئة القابلة للسكن، وهي في حالة الإشريكية القولونية: أمعاء الإنسان. ومع أن معظم سلالات الإشريكية القولونية غير ضارّة، إلا أنّ البكتيريا قد تُسبّب عدوى عند دخولها مجرى الدم في حالة ضعف الجهاز المناعي، وتتراوح هذه العدوى من خفيفة إلى مهددة للحياة.
وعلى الرغم من أنّ الصراع يبدو وكأنه مع البشر، لكن تخوض بكتيريا الإشريكية القولونية تنافسًا أساسيًا مع سلالات أخرى على الموارد. ويؤدّي هذا التنافس إلى تكيفات جينية، مثل مقاومة المضادات الحيوية، مما يساعدها على البقاء في بيئات معينة.
تتمكّن البكتيريا من نقل المادة الوراثية، وبالتالي بعض الصفات، عبر البلازميدات، وهي قطع دائرية من الحمض النووي. وغالبًا ما تحمل البلازميدات جينات خاصة بالضراوة أو البقاء أو مقاومة المضادات الحيوية، مما يزيد من قدرة البكتيريا على البقاء. وعادة ما توجد عدّة بلازميدات في الخلية البكتيرية الواحدة، ونظرًا لتعقيد تركيبها الجيني وقدرتها على تبادل الجينات مع كروموسوم الخلية المضيفة، تُعدّ البلازميدات شديدة الصعوبة في التتبّع.
في هذه الدراسة الأخيرة، استخدم باحثو معهد سانجر وشركاؤهم تقنية التسلسل طويل القراءة لإنشاء 4,485 جينوم بلازميدي انطلاقًا من أكثر من 2,000 عينة دم لبكتيريا الإشريكية القولونية، جُمعت جميعها على مدار 16 عامًا في النرويج. ومن هذه الجينومات المستحدثة، أمكن رسم خريطة للبلازميدات المرتبطة بـ 216 سلالة مختلفة من الإشريكية القولونية، بما في ذلك أكثر أربع سلالات شيوعًا في المملكة المتحدة.
ترجمة: ولاء سليمان
المصدر: phys.org