كيف تساعد الفئران العلماء على فك شفرة التكيف مع البيئات القاسية

فرق من الفئران المتسلقة تسهم في تعزيز الفهم حول كيفية تمكين التكيف التطوري مع الظروف المحلية لنوع واحد من الكائنات للعيش في بيئات متنوعة.

في دراسة قادها نايم باوتيستا، الباحث ما بعد الدكتوراه في مختبر جاي ستورز بجامعة نبراسكا–لينكولن، أوُضعت فئران الغزلان التي تعيش في المرتفعات وأخرى تعيش في السهول في محاكاة لرحلة تسلق إلى ارتفاع 6000 متر. بدأت الرحلة من مستوى سطح البحر، ووصلت الفئران إلى القمة المحاكية بعد سبعة أسابيع.

على طول الطريق، تتبع باوتيستا كيفية استجابة الفئران للإجهاد الناتج عن البرد مع انخفاض مستويات الأكسجين تدريجيًا. نُشرت النتائج في مجلة Proceedings of the National Academy of Sciences.

قال ستورز، أستاذ علوم الأحياء: «تتمتع فئران الغزلان بأوسع نطاق بيئي بين الثدييات في أمريكا الشمالية، إذ تنتشر من سهول نبراسكا إلى قمم أعلى جبال روكي وسيراليونيفادا. اختبرت هذه الدراسة ما إذا كانت قادرة على العيش في مثل هذا النطاق الواسع من الارتفاعات من خلال تطور التكيفات مع الظروف المحلية أو بامتلاكها قدرة عامة على التكيف».

أجريت الدراسة في مختبر متخصص في جامعة ماكماستر بكندا، حيث قُسمت فرق الفئران إلى مجموعتين: مجموعة مراقبة بقيت عند مستوى سطح البحر طوال فترة الدراسة، ومجموعة تأقلم خاضت رحلة التسلق لمدة سبعة أسابيع.

بعد سبعة أيام عند مستوى سطح البحر، ارتفعت الظروف للمجموعة المتأقلمة بمعدل 1000 متر أسبوعيًا، مع تقليل مستويات الأكسجين لتعكس ما قد يواجهه المتسلقون. راقبت فرق البحث قدرة كل فأر على التكيف مع البرد من خلال إنتاج الحرارة الأيضية.

أظهرت البيانات أن فئران الغزلان التي تعيش في المرتفعات والسهول لا تشترك في قدرة عامة على التأقلم مع نقص الأكسجين. ومع تجاوز ارتفاعات محاكاة 4000 متر، ظهرت ميزة واضحة لفئران المرتفعات التي كانت أكثر كفاءة في تنظيم درجة حرارة الجسم مقارنة بأقاربها في السهول، بسبب تنفس أكثر كفاءة ونقل أفضل للأكسجين عبر الدورة الدموية.

قال باوتيستا: «تُظهر النتائج أن فئران المرتفعات والسهول لا تشترك في قدرة عامة على التأقلم مع الظروف البيئية المتغيرة. بل، طورت فئران المرتفعات طرقًا خاصة للتكيف مع نقص الأكسجين تختلف عن تلك الموجودة لدى فئران السهول».

وأظهرت الدراسة أيضًا أن فئران المرتفعات تتمتع بميزة جينية تساعد على تقليل سماكة البطين الأيمن للقلب، وهو أحد أعراض ارتفاع ضغط الدم الرئوي، وهي مشكلة شائعة بين ثدييات السهول التي تُجبر على التأقلم مع نقص الأكسجين.

وأوضح باوتيستا أن النتائج تظهر كيف يمكن للتكيف مع الظروف المحلية أن يمكن نوعًا واسع الانتشار، مثل فأر الغزلان، من الازدهار في بيئات متنوعة.

وأضاف: «تُبرز الدراسة كيف تشكل التغيرات التطورية الخاصة بالسكان قدرتهم على التكيف. في النهاية، هذه التغيرات هي التي تؤثر على قدرتهم على البقاء في موائل مختلفة».

ويعمل باوتيستا حاليًا على خطط لإعادة التجربة، مع أخذها إلى مستويات جديدة عبر دراسة استجابات فأر الأوراق الأصفر الأذنين، وهو أعلى الثدييات في العالم بالنسبة للعيش في المرتفعات. يعيش هذا النوع في جبال الأنديز على ارتفاعات تصل إلى 22110 قدم، وكان اكتشافه على يد ستورز.

ترجمة: ولاء سليمان

المصدر: phys.org

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *