سر العيون الملونة للقطط: دراسة جديدة تفتح أبوابًا لتاريخ السنوريات

سر العيون الملونة للقطط: دراسة جديدة تفتح أبوابًا لتاريخ السنوريات

انتبه معجبو القطة كليمنتين، التي اجتذبت مؤخرًا اهتمامًا واسعًا على تيك توك بسبب لون عينيها النادر لهذه المعلومة. لون العينين الذهبي الفاتن لدى الفهود، النظرة الزرقاء الساحرة لدى فهود الثلج، والبريق الأخضر المضيء في عيون النمور جميعها تعود إلى سلف مشترك، وهو نوع من القطط القديمة يشبه الأوسيلات كان يجوب الأرض منذ أكثر من 30 مليون سنة.

في دراسة جديدة نُشرت في مجلة «iScience»، ذكر باحثون من جامعة هارفارد أن هذه المجموعة القديمة ربما تضمنت قططًا بعيون بنية ورمادية، وفتحت الأخيرة المجال للتنوع الواسع والسريع في ألوان قزحية العين لدى أنواع القطط اليوم.

وقال المؤلف الرئيسي للدراسة، جوليوس تابين، طالب في مدرسة جريفين للدراسات العليا في قسم علم الأحياء العضوي والتطوري: «عندما بدأت هذه الدراسة، تساءلت: ماذا نعرف عن لون العينين؟ والحقيقة أننا نعرف القليل جدًا، إذ تكاد تنعدم الدراسات التطورية التي تتناول لون العينين من منظور علم الأنساب التطوري».

تركز معظم الدراسات على توزيع ألوان العيون لدى نوع معين أو على الجينات المرتبطة بتكوين لون العين لدى البشر والحيوانات المدجنة. نادرًا ما توجد دراسات تتناول لون العينين لدى التجمعات الحيوانية الطبيعية بسبب صعوبات الحفظ وقلة التنوع، فمعظم الحيوانات تمتلك عيونًا بنية اللون.

وفيما يرجح أن لون العينين لدى البشر نتيجة للانتقاء الجنسي، وفي الحيوانات المدجنة نتيجة للانتقاء الصناعي، تساءل تابين عما يدفع لهذا التنوع الواسع لدى عائلة السنوريات البرية. ولعدم توفر أحافير عيون تعود للعصور السحيقة، اعتمد تابين على مقاربة جديدة، بتحليل الصور الرقمية من مصادر مثل «iNaturalist» لتحديد وتصنيف الألوان المتنوعة لعيون 52 نوعًا من عائلة السنوريات.

أنشأ تابين والمؤلفة المشاركة كاثرين شياسون، طالبة الدكتوراه في جامعة جونز هوبكنز، خوارزمية لربط ألوان القزحية بشجرة النسب التطورية للسنوريات.

قال تابين: «وجدنا تنوعًا كبيرًا في الألوان بين الأنواع، لكن ما كان صادمًا هو وجود تنوع كبير أيضًا داخل النوع الواحد. إذ أن معظم الأنواع تمتلك لونًا واحدًا للعين من دون تباين، لذلك كان من المفاجئ أن نجد في القطط، كالأسود والنمور والفهود، تنوعًا هائلًا في ألوان العيون. وهناك في الحقيقة عدد قليل من أنواع السنوريات التي تمتلك لونًا موحدًا للعين».

بعد تجهيز الألوان وتثبيتها على شجرة النسب التطورية، بدأ الباحثون بإعادة بناء الحالة الأصلية. فوجدوا أن السلالات القديمة ما قبل السنوريات (سلف السنوريات وأقرب أقاربها، اللينسانغ) كانت جميعها بعيون بنية فقط. ولكن بعد تفرع أنواع اللينسانغ، ظهرت القطط ذات العيون الرمادية بجانب تلك ذات العيون البنية.

قال تابين: «من المرجح أن هذا حدث بسبب طفرة جينية خفضت بشكل كبير نسبة الصبغة في العين». يمكن أن تكون الصبغة إما يوماتنين، الذي يعطي لونًا بنيًا، أو فيوماتنين، الذي يعطي لونًا أصفر.

يستلزم تحول العين من اللون البني إلى الرمادي انخفاضًا في كمية اليوماتنين. وهذا الانخفاض يؤدي إلى لون ليس بنيًا بالكامل ولا رماديًا بالكامل، بل إلى لون بني رمادي، وهو ما وجده الباحثون.

فتحت القطط ذات العيون الرمادية الباب لظهور الألوان الخضراء والصفراء والزرقاء، مما شكل نقطة توازن بين العيون البنية والألوان الجديدة.

قال تابين: «العيون الزرقاء تتطلب مستويات منخفضة من الصبغة المتوازنة بعناية، ويرجح أنها متنحية لدى السنوريات. من غير المحتمل أن تحافظ مجموعة برية على عيون زرقاء إذا كان بها فرد واحد فقط بعيون زرقاء بين بحر من العيون البنية».

وأضاف: «من المحتمل أن تحتاج إلى شيء أفتح من البني، لكن ليس فاتحًا كالأزرق ليكون الوسيط، وهذا ما نراه، إذ أن كل نوع من أنواع القطط الذي يمتلك عيونًا زرقاء يمتلك أيضًا عيونًا رمادية».

ولاحظ تابين وشياسون أن العيون البنية والصفراء نادرًا ما تتواجدان في نفس النوع. وأعربا عن دهشتهما من إيجاد علاقة إيجابية بين العيون الصفراء والبؤبؤ المستدير، وعلاقة سلبية بين العيون البنية والبؤبؤ المستدير.

لم يجد الباحثون علاقات ذات دلالة مع وضع النشاط، أو المنطقة الحيوانية الجغرافية، أو البيئة، أو تجانس لون العين، ما يجعل الفائدة التكيفية لتنوع ألوان العيون سؤالًا مفتوحًا يحتاج إلى المزيد من البحث.

لم يكتف الباحثون بإعادة بناء الأنواع العامة للألوان في كل نقطة تطور، بل تمكنوا أيضًا من التنبؤ باللون الدقيق لعين كل سلف.

قال تابين: «إعادة بناء اللون بشكل كمي يعد من أكبر إنجازات الورقة، لأنه يعني أننا أول من رأى لون هذه العيون منذ أن كانت هذه السنوريات حية قبل ملايين السنين».

أما بالنسبة لشياسون، فكانت الدراسة خاصة بالنسبة لها لأنها استندت إلى موارد متاحة مجانًا على الإنترنت. وأضافت: «حقيقة أن دراسات رصينة مثل دراستنا يمكن لأي شخص لديه اتصال بالإنترنت وفضول القيام بها تشير إلى ثورة شاملة في هذا المجال تزيد من وصول العلم إلى الناس حول العالم».

وأشارت الدراسة إلى وجود فرصة لمزيد من البحث حول الأهمية التطورية للعيون الرمادية، وكذلك تطور لون العينين في التجمعات الطبيعية، حسب ما ذكر تابين. وأضاف قائلًا: «ما زلت أشعر بالإثارة لمعرفتي أن سلف السنوريات امتلك عيونًا بنية ورمادية، لأن هذا أمر لم أتوقعه أو أفكر فيه من قبل».

ترجمة: ولاء سليمان

المصدر: phys.org

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *