النباتات وتعدد الجينومات: دروس تطورية قد تُغير طرق علاج السرطان
أظهرت دراسة جديدة، قادها خبراء من جامعة نوتنغهام، أن الأنواع النباتية المختلفة تواجه نفس التحدي التطوري بطرق مختلفة، وقد تقدم النتائج فهمًا جديدًا لأنواع السرطان العدوانية.
تحدث عملية تضاعف الجينوم الكامل (WGD) في جميع ممالك الحياة. وهي أكثر شيوعًا في النباتات، ولكنها تحدث أيضًا في بعض أنواع السرطان الأكثر عدوانية. بعد عملية تضاعف الجينوم، تحتوي الخلية على جينومات إضافية وتُسمى متعددة الجينومات (polyploid).
معظم محاصيلنا الرئيسية هي أيضًا متعددة الجينومات، بما في ذلك القمح والتفاح والموز والشوفان والفراولة والسكريات والخضراوات الصليبية مثل البروكلي والقرنبيط. يحدث تعدد الجينومات أيضًا في بعض الأورام الدبقية الأكثر عدوانية (سرطان الدماغ)، ويرتبط بتقدم السرطان. بشكل عام، يرتبط تعدد الجينومات بالصلابة (مثلما في المحاصيل) والتكيف مع البيئة (مثلما في السرطانات المنتشرة).
نظرًا لأن الكائنات متعددة الجينومات تمتلك جينومات أكثر يجب إدارتها، فإن تضاعف هذه الجينومات قد يمثل نقطة ضعف، لذا من المهم فهم العوامل التي تستقر بها الجينومات الشابة وكيف تتطور هذه الأنواع متعددة الجينومات.
في هذه الدراسة الجديدة، التي نُشرت في مجلة «Cell Reports»، فحص خبراء من كلية علوم الحياة بالجامعة كيفية تطور ثلاث أنواع ناجحة من النباتات متعددة الجينومات لإدارة الحمض النووي الإضافي وما إذا كانت كل منها قد قامت بذلك بطرق مختلفة أو متشابهة.
قال البروفيسور ليفي يانت، الذي قاد الدراسة: «قد يساعدنا فهم نطاق المشكلات التي تواجه الكائنات متعددة الجينومات على فهم سبب نجاح البعض وفشل البعض الآخر. نرى أن الكائنات متعددة الجينومات الناجحة تتغلب على مشاكل محددة تتعلق بإدارة الحمض النووي، ونركز على الحلول الطبيعية التي تستخدمها».
«في دراستنا، فحصنا ثلاث حالات تكيفت فيها الأنواع مع «حياة تعدد الجينومات» ولم تقتصر على البقاء فقط، بل ازدهرت. ثم درسنا ما إذا كانت قد استخدمت نفس الحلول الجزيئية للبقاء. المفاجأة كانت أنها لم تفعل ذلك».
وجد الباحثون أن الإشارة الأوضح للتكيف السريع مع حالة تعدد الجينومات جاءت من جزيء «CENP-E»، وهو الجزيء نفسه الذي اكتشفته مجموعات بحثية أخرى مؤخرًا كعامل ضعف للسرطانات متعددة الجينومات، وهو هدف علاجي واعد لقتل هذه السرطانات. جاءت الإشارة الواضحة التالية من «جينات الانقسام المنصف»، التي أشار البروفيسور يانت إلى أنها نشطة في العديد من أنواع السرطان، بينما تكون غير نشطة في جميع الخلايا الطبيعية تقريبًا.
وأضاف البروفيسور يانت: «اكتشفنا إشارات للتكيف السريع مع حالة تضاعف الجينوم الكامل في نفس الشبكات الجزيئية، وفي حالة جزيء «CENP-E»، فهو الجزيء المحدد الذي له أهمية خاصة بالنسبة للسرطانات متعددة الجينومات».
«يعطي تضاعف الجينوم الكامل للسرطان ميزة قصيرة الأمد على معظم العلاجات، ولكن استهداف هذا الجزيء بالتحديد، «CENP-E»، يقتل السرطان متعدد الجينومات. يشكل ذلك مثال صارخ على التكرار التطوري (أو التقارب) من اتجاهات مختلفة تمامًا، ولكن باتجاه نفس التحدي التكيفي. يمكننا الآن التركيز على هذا النموذج الذي يتكيف جيدًا مع تعدد الجينومات، مما قد يساهم في فهمنا لبعض أنواع السرطان».
قد تؤثر نتائج الدراسة على فهمنا لكيفية استخدام بعض السرطانات متعددة الجينومات، مثل الأورام الدبقية (سرطانات الدماغ) تعدد الجينومات للتقدم، وما هي الجزيئات التي يمكن استهدافها كجزء من أي علاج لقتل الخلايا السرطانية.
بشكل أعم، تمثل هذه الدراسة دليلًا مهمًا يُظهر أن استخراج الحلول الطبيعية من علم الأحياء التطوري قد يساهم في تطوير العلاجات المستقبلية. وأخيرًا، توضح الدراسة طرقًا مختلفة يمكننا من خلالها تحسين محاصيلنا متعددة الجينومات لتكون أكثر مقاومة للأحداث الكارثية المحتملة في المستقبل، مثل التغير المناخي.
ترجمة: ولاء سليمان
المصدر: phys.org