لغة الوجه الصامتة: كيف تساعد تعبيرات القردة في بناء مجتمعات متماسكة ومتنوعة
أظهرت دراسة علميّة أجريت في جامعة نوتنجهام ترنت أن القردة التي تتمتع بتعبير وجهي غني تتفوق اجتماعيًا على أقرانها وتقود مجموعات أكثر تماسكًا. تشير هذه النتائج إلى الدور المحوري للتواصل الوجهي بين الرئيسيات، بما في ذلك البشر.
ركزت الدراسة على تسع مجموعات اجتماعية من قرود المكاك الريسوسي، ضمت كل منها ذكرًا بالغًا واحدًا وعدة إناث بالغات ونسلها. توصلت الدراسة المنشورة في مجلة وقائع الجمعية الملكيّة السلسلة بي: العلوم البيولوجية إلى أن تعبيرات الوجه لدى الذكور المهيمنة ترتبط بشكل وثيق بتماسك المجموعة الاجتماعية.
باعتبارها حيوانات اجتماعية، تشتهر الرئيسيات باستخدام وجوهها لنقل معلومات متنوعة تتعلق بالهوية والعلاقات الأسرية والهيمنة الاجتماعية والإشارات إلى النوايا الحسنة والانتماء إلى المجموعة والرغبة باللعب.
أجرى الباحثون تحليلًا لتعبيرات الوجه للقرد الذكر المُسيطر في كل مجموعة باستخدام نظام ترميز (MaqFACS) مصمم خصيصًا لدراسة قرود المكاك الريسوسي، إذ تم تتبع 17 حركة عضلية منفصلة في الوجه.
بالإضافة إلى ذلك، قيم الباحثون الحياة الاجتماعية لجميع القردة البالغ عددها 66 في المجموعات، وقاسوا عدد المرات التي يقضي فيها أزواج القردة الوقت معًا وعدد المرات التي تنخرط فيها بتفاعلات تنظيف ودية.
وقد لوحظ أن الذكور الذين أظهروا تنوعًا أكبر في تعبيرات وجوههم، ربما بهدف توضيح نواياهم وتقليل الغموض، كانوا أكثر ارتباطًا اجتماعيًا ضمن مجموعاتهم، إذ تمتعوا بروابط اجتماعية أقوى وشغلوا مراكز أكثر مركزية داخل شبكاتهم الاجتماعية.
تبيّن أن الترابط الاجتماعي كان أكثر توزنًا بين أفراد المجموعة عندما كان الذكر المُهيمن أكثر تعبيرًا في وجهه. وهذا يشير إلى أن زيادة التواصل من خلال تعبيرات الوجه ترتبط بأنماط قيادية أكثر تسامحًا.
تشير نتائج هذا البحث إلى تأثيرات عميقة على فهم السلوك الاجتماعي البشري. إذ يوحي بأن التعبير الوجهي تطور مع الزمن ليصبح أداة مساعدة في بناء الروابط الاجتماعية بين الأفراد والمحافظة عليها.
وبحسب الدكتور جيمي وايتهاوس، الباحث في كلية العلوم الاجتماعية بجامعة نوتنجهام ترنت والمؤلف الرئيسي للدراسة: «يُظهر هذا البحث كيف يمكن أن يُساهم التنوع الفردي في التعبير في كيفية تشكّل التفاعلات الاجتماعية لدى الرئيسيات، ومن بينهم البشر. ويشير البحث إلى أن القدرة على التعبير عن مجموعة واسعة من التعبيرات قد تساعد في التعامل مع العلاقات الاجتماعية المعقّدة مقارنة بمجموعة محدودة من التعبيرات».
«يكون الأفراد الذين يتمتعون بتعبير وجهي قوي أكثر مهارة في بناء وتدعيم روابط اجتماعية متينة، ما قد يؤدي إلى مجموعة من الفوائد المرتبطة بتماسك المجموعة، مثل زيادة فرص الحصول على الموارد، وزيادة فرص التزاوج، والحماية من التهديدات».
أوضحت البروفيسورة بريجيت والر، أستاذة التطور والسلوك الاجتماعي في جامعة نوتنجهام ترنت ورئيسة المشروع البحثي، أن البشر قد طوروا وجوهًا معبرة بشكل لا يصدق مع عضلات وجهية معقدة للغاية، وهذه النتائج ستساعد على فهم الميزة التكيفية التي قدمها على مر الزمن التطوري.
ترجمة: علاء شاهين
المصدر: phys.org