هل عثرت على أقدم سلف لك؟ كائن بحري غامض يكشف عن قصة تطورنا المذهلة
تُشير السجلات الأحفورية لفترة العصر الكامبري أن غالبية الشُعب الحيوانية شهدت تنوعًا ملحوظًا واستوطنت محيطات الأرض منذ حوالي 518 مليون سنة. مع ذلك، كانت الحباليات، التي تضم الفقاريات مثل الإنسان، جزءًا من هذا التنوع المبكر للحياة الحيوانية، ومثّلت نسبة صغيرة نسبيًا من الأحافير المستخرجة من أكثر من 50 موقعًا كامبريًا حول العالم.
في دراسة نشرت مؤخرًا في مجلة رويال سوساييتي أوبن ساينس، يقدم الباحث العلمي رودي ليروسي-أوبريل والأستاذ المساعد خافيير أورتيغا-هرنانديز من جامعة هارفارد نوعًا جديدًا من الكائنات الحية القديمة في تكوين مارجوم الدرومي (الكمبري)، في حوض أمريكا العظيم. ليكون هذا الكائن أول فقاري ذو جسم رخو يُعثر عليه في هذه المنطقة.
عُثر على هذه الحفرية الجديدة ضمن مجموعة من الحفريات الكمبرية ذات الأجسام الرخوة محفوظة في متحف التاريخ الطبيعي في ولاية يوتا الشريك التعاوني طويل الأمد مع الباحثين في جامعة هارفارد.
يُمثل اكتشاف النوع الجديد، نُوكِيشتِيس رينكُوسيفالوس، إسهامًا قيمًا في فهمنا لتطور الفقاريات المبكرة وتنوعها البيولوجي. وتعود أهمية ذلك إلى ندرة مثل هذه الكائنات في المواقع الأحفورية الكمبرية في مناطق مثل جنوب الصين والولايات المتحدة الشمالية الشرقية وكولومبيا البريطانية.علاوة على ذلك، يعد نُوكِيشتِيس واحدًا من أربعة أنواع فقط توثق المراحل التطورية المبكرة لأسلاف الفقاريات، ما يجعله أحد أقدم أسلاف البشر.
في دراستهما، يصف كل من ليروزي-أوبريل وأورتيغا-هرنانديز السمكة البدائية، نُوكِيشتِيس، بأنها تملك جسمًا انسيابيًا خالٍ من الزعانف أشبه بالطوربيد، وتحمل عددًا من الصفات المميزة للفقاريات.
تقول ليروزي-أوبريل: «تبدأ الفقاريات البدائية في تطوير عيون كبيرة وسلسلة من الكتل العضلية التي نسميها الميوتومات، وهذا ما نلاحظه بوضوح في أحفوريتنا».
تُظهر كائنات هذا النوع الجديد، تشابهًا عامًا مع يرقات الأسماك، بامتلاكها تجويفًا يشبه الخياشيم البدائية، لكنها كانت تفتقر إلى الزعانف وبالتالي كانت قدراتها على السباحة محدودة.
توُكد ليروزي-أوبريل: «تشير جميع هذه الخصائص بوضوح إلى وجود صلة قرابة بالفقاريات، ونظرًا لأنها تعود إلى مراحل مبكرة جدًا من تطور الفقاريات، فهي تفتقر إلى العظام، وهذا هو السبب وراء ندرة هذه الحفريات بشكل بالغ».
يُرجح ليروزي-أوبريل وأورتيجا-هرنانديز أن سمكة نُوكِيشتِيس كانت تعيش في الطبقات العليا من عمود الماء المحيطي. ونتيجة لذلك، ولافتقارها إلى الأجزاء الحيوية الصلبة مثل العظام أو الأصداف، كانت عرضة للتحلل بسرعة كبيرة بعد موتها، ما يجعل العثور على حفريات لها أمرًا نادرًا للغاية.
بحسب تصريح الباحث أورتيجا-هيرنانديز: «ما يثير الاهتمام في هذا النوع الجديد هو صعوبة فهم كيفية تطور الشكل الخارجي من النوع اللافقاري إلى النوع الفقاري دون وجود أحافير. وتأتي هذه الأحفورة الجديدة لتلقي بعض الضوء على هذه المسألة».
خضع موقع مارجوم الدرومي (الكمبري) الذي عُثر فيه على الأحفورة الجديدة لتحقيقات مكثفة منذ عام 2022 على يد فريق دولي من علماء الأحافير بقيادة ليروزي-أوبريل وأورتيجا-هيرنانديز. ويعتقد كلا الباحثين أنه من الممكن لمواصلة جهود التنقيب في هذا الموقع أن تؤدي إلى اكتشاف عينات جديدة من نوع نُوكِيشتِيس رينكُوسيفالوس في المستقبل.
المصدر: phys.org
ترجمة: علاء شاهين