أقدم المخلوقات البحرية على الأرض قادت التطور عن طريق تحريك المياه

دراسة تشير إلى أن أقدم المخلوقات البحرية على الأرض قادت التطور عن طريق تحريك المياه

استخدمت دراسة مشتركة شاركت فيها جامعة كامبريدج، نماذج محوسبة متطورة لإعادة إنشاء النظم البيئية الحيوانية الأقدم، والمعروفة باسم غابات الحيوانات البحرية، وذلك لإظهار الدور الذي لعبته في تطور كوكبنا.

اكتشف العلماء باستخدام محاكاة حاسوبية حديثة لأحفوريات تعود إلى فترة العصر الإدياكاري (أي منذ حوالي 565 مليون سنة) كيف خلطت هذه الحيوانات مياه البحر المحيطة. يُحتمل أن يكون ذلك قد أثر على توزيع موارد مهمة مثل جزيئات الغذاء ورفع مستويات الأكسجين المحلية.

بناءً على هذه العملية، يعتقد العلماء بإمكانية أن تكون هذه المجتمعات المبكرة قد لعبت دورًا جوهريًا في تشكيل الظهور الأول للكائنات الحية كبيرة الحجم والمعقدة، وذلك قبل حدوث إشعاع تطوري كبير لأنواع مختلفة من الحياة الحيوانية، والمعروف باسم «الانفجار» الكامبري.

قد تكون هذه التغييرات قد مكّنت أشكال الحياة من أداء وظائف أكثر تعقيدًا على مدار فترات طويلة من الزمن، مثل تلك المرتبطة بتطور أنماط جديدة للتغذية والحركة. أجريت الدراسة في متحف التاريخ الطبيعي، ونُشرت في مجلة Current Biology.

قالت الدكتورة إميلي ميتشل، من قسم علم الحيوان بجامعة كامبريدج والمشاركة في تأليف التقرير: «من المثير للاهتمام أن نعرف أن أولى الحيوانات على الإطلاق التي عاشت قبل 580 مليون سنة قد أحدثت تأثيرًا كبيرًا على بيئتها، على الرغم من عدم قدرتها على الحركة أو السباحة. لقد وجدنا أنها خلطت المياه ومكنت الموارد من الانتشار على نطاق أوسع، ما يحتمل أنه قد حفز المزيد من التطور».

يعلم العلماء من البيئات البحرية الحديثة أن المغذيات مثل الغذاء والأكسجين تنتقل في مياه البحر، وأن الحيوانات يمكن أن تؤثر على تدفق المياه بطرق تؤثر على توزيع هذه الموارد.

ولاختبار مدى قدم هذه العملية، نظر الفريق إلى بعضٍ من أقدم الأمثلة في مجتمعات الحيوانات البحرية، والمعروفة من صخور ميستاكين بوينت، نيوفاوندلاند، كندا. يحفظ الموقع الأحفوري الشهير عالميًا هذا أشكال الحياة المبكرة بشكل مثالي بفضل غطاء من الرماد البركاني (يشار إليه أحيانًا باسم Ediacaran Pompeii).

على الرغم من تشابه بعض أشكال الحياة هذه بالنباتات، فإن تحليل تشريحها ونموّها يوحي بشكل كبير بأنها حيوانات. بفضل الحفظ الاستثنائي لهذه الأحافير، تمكن العلماء من إعادة بناء نماذج رقمية لأنواع رئيسية استُخدمت كأساس لمزيد من التحليلات الحسابية.

صرحت الدكتورة سوزانا جوتارا، المؤلفة الأولى للبحث والباحثة المشاركة في المتحف الوطني للتاريخ الطبيعي، قائلة: «استخدمنا النمذجة البيئية والمحاكاة الحاسوبية لدراسة كيفية تأثير تجمعات أشكال الحياة الإدياكاراية الافتراضية ثلاثية الأبعاد على تدفق المياه. وأظهرت نتائجنا أن هذه المجتمعات قادرة على تنفيذ وظائف بيئية مشابهة لتلك التي نراها في النظم البيئية البحرية الحالية».

أظهرت الدراسة أن أحد أهم الكائنات الإدياكارية التي ساهمت في تعطيل تدفق المياه كان حيوان برادغاتيا الذي يشبه الملفوف، والذي سُمي تيمنا بمنتزه برادغيت في إنجلترا. تُعد أحافير برادغاتيا المكتشفة في ميستاكين بوينت من بين أكبر الأحافير المعروفة في هذا الموقع، إذ يصل قطر بعضها إلى أكثر من 50 سنتيمترًا.

من خلال تأثيرها على المياه المحيطة بها، يعتقد العلماء أن هذه الكائنات الإدياكارية ربما كانت قادرة على تعزيز تركيز الأكسجين المحلي. قد يكون لهذا الخلط البيولوجي أيضًا تداعيات على البيئة الأوسع، ما يجعل مناطق أخرى من قاع البحر أكثر قابلية للسكن وربما حتى دفع إلى ابتكارات تطورية.

قال الدكتور عمران رحمن، المؤلف الرئيسي والباحث الرئيسي في متحف التاريخ الطبيعي: «إن النهج الذي طوّرناه لدراسة مجتمعات أحافير العصر الإدياكاري يعتبر جديدًا تمامًا في الإحاثة، إذ يوفر لنا أداة قوية لدراسة كيفية تشكيل النظم البيئية البحرية الماضية والحاضرة وتأثيرها على بيئتها».

 

ترجمة: علاء شاهين

المصدر: phys.org

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *