ما هو السلف الأول للعقارب والعناكب وسرطانات حدوة الحصان؟ تمكن طالب دكتوراه من جامعة لوزان (سويسرا)، بدعم من من المركز الوطني للأبحاث العلمية، من تحديد أحفورة سدت الفجوة بين الأنواع الحديثة وتلك التي تعود إلى العصر الكامبري (قبل 505 مليون سنة)، فحل لغزاً معقداً في علم الأحفوريات (علم الإحاثة).
تنتمي العقارب الحديثة والعناكب وسرطانات حدوة الحصان إلى المفصليات التي ظهرت على الأرض منذ نحو 540 مليون سنة. وهي جزء من شعبة فرعية تسمى المخلبيات، وتتميز بامتلاكها مخلب على شكل كماشة تستخدم في العض أو الإمساك بالفريسة أو حقن السم. لكن ما هي أسلاف هذه المجموعة؟
حير هذا السؤال علماء الإحاثة مذ بدأت دراسة المستحاثات والأحفوريات القديمة، وكان من الصعب تحديد نوع معين من المفصليات المبكرة التي تمتلك صفات متشابهة بما فيه الكفاية مع الأنواع الحديثة لاعتبارها أسلافاً لها. كما أن عدم وجود مستحاثات تعود للفترة الرئيسية قبل 505 و430 مليون سنة مضت، زاد الأمر تعقيداً.
قدم لورنزو لوستري، طالب الدكتوراه في كلية علوم الأرض والبيئة بجامعة لوزان، القطعة المفقودة من اللغز. ودرس مع مشرفيه مئة مستحاثة تعود إلى ما قبل 478 مليون سنة عُثر عليها في صخور فزواطية بالمغرب، ورشح نوعاً يربط الكائنات الحية الحديثة بتلك التي عاشت في العصر الكامبري (منذ 505 ملايين سنة). نشرت الدراسة في مجلة Nature Communications.
اكتُشفت مستحاثات الصخور الفزواطية في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين وخضعت لتحليل مكثف. والمستحاثة التي ظهرت في الدراسة، هي واحدة من أكثر الحفريات وفرة، لكن لم يتم وصفها وتحليلها من قبل، ويتراوح حجمها بين 5 و10 ملليمترات، وقد أطلق عليها اسم Setapedites . يسمح هذا الاكتشاف للعلماء، ولأول مرة، بتتبع السلالة الكاملة للمخلبيات من أقدم المفصليات إلى العناكب الحديثة والعقارب وسرطانات حدوة الحصان.
يقول لوستري، المؤلف الأول للورقة البحثية، الذي قدمها كرسالة دفاع عن درجة الدكتوراه في مارس 2023: «في البداية، كان هدفنا وصف وتسمية هذه المستحاثة فقط. ولم تكن لدينا أي فكرة أنها تحتوي على الكثير من الأسرار». «لقد كانت مفاجأة سارة أن عندما سدت بعد المراقبة والتحليل الدقيق للمستحاثة، فجوة مهمة في شجرة الحياة التطورية».
ولم تكشف المستحاثة بعد عن كل أسرارها. تقدم بعض سماتها التشريحية رؤى أعمق حول التطور المبكر للمجموعة المخلبية، وربما تربط هذه المجموعة بأشكال أحفورية أخرى مثيرة للجدل.
سيتم قريباً تنظيم معرض عن الكائنات الحية لمستحاثات الصخور الفزواطية، في قصر رومين في لوزان، سويسرا، بالتعاون مع UNIL.
وللحصول على هذه النتائج، درس العلماء مئة مستحاثة واستخدموا ماسح الأشعة السينية لإعادة بنائها تشريحياً بالتفصيل وبشكل ثلاثي الأبعاد. ثم تمكنوا من إجراء مقارنات مع العديد من المخلبات الأحفورية من مواقع أخرى، وكذلك مع أسلافها الأقدم.
وأخيراً، أصبحت أهمية المستحاثة الفزواطية واضحة بمساعدة التحليلات التطورية، التي أعادت بناء شجرة عائلة الأنواع المختلفة رياضياً عن طريق «ترميز» جميع سماتها التشريحية.
ترجمة: علاء شاهين.
المصدر: phys.org