هل اكتُشفت قاعدة بيولوجية جديدة ستوسع نطاق معرفتنا في التطور والشيخوخة؟
هل وجد عالم الأحياء الجزيئي في كلية دورنسيف للآداب والفنون والعلوم بجامعة جنوب كاليفورنيا «قاعدة جديدة في علم الأحياء»؟
تصف إحدى قواعد علم الأحياء، والتي تسمى أحيانًا بالقانون البيولوجي، نمطًا أو حقيقة بديهية معترف بها بين الكائنات الحية. تنص قاعدة ألين مثلًا على أنه من بين الحيوانات ذات الدم الحار، فإن تلك الموجودة في المناطق الباردة لها أطراف أقصر وأكثر سمكًا (للحفاظ على حرارة الجسم) من تلك الموجودة في المناطق الأكثر حرارة، والتي تحتاج إلى مساحة أكبر من سطح الجسم لتبديد الحرارة.
صاغ عالم الحيوان جويل ألين هذه الفكرة في عام 1877، وعلى الرغم من أنه لم يكن أول أو آخر من قدم قاعدة في علم الأحياء، لكنه أحد القلائل الذين نالت قاعدتهم القبول بين العلماء.
حاليًا، يعتقد جون تاور، أستاذ العلوم البيولوجية في جامعة جنوب كاليفورنيا دورنسيف، أنه اكتشف قاعدة أخرى في علم الأحياء. نشر تاور فكرته في 16 مايو في مجلة Frontiers in Aging.
قد تتطلب الحياة عدم الاستقرار
تتحدى قاعدة تاور المفاهيم السائدة منذ زمن طويل والتي تقول إن معظم الكائنات الحية تفضل الاستقرار على عدم الاستقرار؛ لأن الاستقرار يتطلب طاقة وموارد أقل. فمثلًا، تظهر الأشكال السداسية بشكل متكرر في الطبيعة مثل أقراص العسل وعيون الحشرات؛ لأنها مستقرة وتتطلب أقل كمية من المواد لتغطية السطح.
يركز تاور في حكمه على عدم الاستقرار، وتحديدًا مفهوم يسمى «عدم الاستقرار المفيد الانتقائي»، أو SAI، إذ توفر بعض التقلبات في المكونات البيولوجية، مثل البروتينات والمواد الوراثية، ميزة للخلايا.
يعتقد تاور أن عدم الاستقرار المفيد الانتقائي هو جزء أساسي من علم الأحياء. ويوضح قائلاً: «حتى أبسط الخلايا تحتوي على البروتياز والنواة، وتقوم بانتظام بتحليل واستبدال بروتيناتها وحمضها النووي الريبوزومي، مما يشير إلى أن عدم الاستقرار المفيد الانتقائي ضروري للحياة».
ويقول إن عدم الاستقرار المفيد الانتقائي يلعب أيضًا دورًا رئيسيًا في التطور.
ويوضح أنه عندما تقوم الخلايا بعملها ببناء وتفكيك العديد من المكونات غير المستقرة، فإنها ستتواجد في إحدى الحالتين، حالة واحدة مع مكون غير مستقر موجود، وحالة أخرى يغيب فيها المكون غير المستقر.
قد يتصرف الانتقاء الطبيعي بشكل مختلف في حالتي الخليتين. يقول: «قد يساعد ذلك في الحفاظ على كل من الجين الطبيعي والطفرة الجينية في نفس مجموعة الخلايا، إذا كان الجين الطبيعي مناسبًا في حالة خلية واحدة والطفرة الجينية مواتية في حالة الخلية الأخرى. إن السماح بهذا التنوع الجيني يمكن أن يجعل الخلايا والكائنات أكثر قدرة على التكيف».
قد يكون عدم الاستقرار المفيد الانتقائي هو السبب الجذري للشيخوخة
قد يساهم عدم الاستقرار المفيد الانتقائي أيضًا في الشيخوخة. إن إنشاء المكونات غير المستقرة داخل الخلايا ثم استبدالها يأتي على حساب المواد والطاقة. قد يتطلب كسرها أيضًا طاقة إضافية.
أيضًا، نظرًا لأن عدم الاستقرار المفيد الانتقائي ينشئ حالتين محتملتين للخلية، مما يسمح للجينات الطبيعية والمتحولة بالتعايش، فإذا كان الجين المتحور ضارًا، فقد يساهم ذلك في الشيخوخة.
بالإضافة إلى التطور والشيخوخة، تملك خاصية عدم الاستقرار المفيد الانتقائي آثار أخرى بعيدة المدى.
يقول تاور: «لقد انبهر العلم مؤخرًا بمفاهيم مثل نظرية الفوضى، والحرجية، وأنماط تورينغ، والوعي الخلوي. وتشير الأبحاث في هذا المجال إلى أن عدم الاستقرار المفيد الانتقائي يلعب دورًا مهمًا في إنتاج كل من هذه الظواهر».
ويقول إنه بسبب انتشارها الواضح في علم الأحياء وآثارها بعيدة المدى، فقد تكون عدم الاستقرار المفيد الانتقائي هي أحدث قاعدة في علم الأحياء.
ترجمة: ولاء سليمان
المصدر: phys.org